الطفلة الفلسطينية هند.. من طلب المساعدة حتى العثور عليها وقد فارقت الحياة
رني على حدا يجي يأخذني.. أمانة خايفة تعالي، كانت هذه آخر الكلمات التي تحدثت بها الطفلة الفلسطينية هند، التي أعلن العثور على جثتها، السبت، في حي تل الهوى غرب مدينة غزة بعد انقطاع الاتصالات بها منذ الـ 29 من يناير الماضي.
كانت هند في سيارة ذلك اليوم مع بشار وشقيق جدها وزوجته وأطفالهم أثناء محاولتهم الوصول إلى بر الأمان بعد أن شعروا بالخطر في المنطقة التي نزحوا فيها.
وقالت عائلة الفتاة إن هند البالغة من العمر ستة أعوام وأفراد آخرين من الأسرة كانوا في سيارة في مدينة غزة عندما واجهوا الدبابات الإسرائيلية التي يبدو أنها فتحت النار عليهم.
نجت هند في البداية، كما يتضح من اتصالاتها الهاتفية مع عائلتها، بينما قُتل كل من كان في السيارة.
وكانت المقاطع الصوتية التي نشرتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في وقت سابق من الشهر الجاري، قدمتها في الأصل ابنة عم هند، ليان حمادة، 15 عاما، للمسعفين، قائلة إنه قبل إطلاق النار، كان رجل دبابة إسرائيلية يقترب، وارتفعت صرخات الفتاة.
هند، التي يُعتقد أنها الناجية الوحيدة بعد إطلاق النار، أمضت ثلاث ساعات على الخط مع المسعفين الذين حاولوا تهدئتها أثناء إرسال سيارة إسعاف.
وتحدثت هند، وهي محاطة بأقاربها القتلى، عبر الهاتف إلى العاملة في الهلال الأحمر الفلسطيني رنا فقيه، متوسلة لساعات لإنقاذها.
وأرسلت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني سيارة إسعاف لإنقاذ هند، ولكن الاتصال فقد بها أيضا بعد ساعات قليلة.
اتهامات لإسرائيل
قال جدّ الطفلة بهاء حمادة لوكالة فر انس برس إن إنه “أثناء توجه الإسعاف (نحو السيارة)، كانت والدة هند تتكلم معها (عبر الهاتف). سمعت بعدها والدتها صوت باب السيارة يفتح ثم فُقد الاتصال”.
وقال جد الطفل بهاء حمادة لوكالة فرانس برس إن “والدة هند كانت تتحدث معها (هاتفيا) أثناء وصول سيارة الإسعاف إلى السيارة، ثم سمعت والدتها باب السيارة مفتوحا، ثم ضاع الهاتف”.
وأضاف: “لا نعرف ماذا حدث لها أو لطاقم الإسعاف. هل نفدت بطارية الهاتف، هل انقطع الاتصال، هل تم القصف؟ لا نعرف”.
وواصل حبس دموعه: “هندر حفيدتي الأولى، هي حبيبتي. أخبرتني ذات مرة أنها خائفة وجائعة وطلبت منا أن ننقذها. أخبرتني أن الدبابات تقترب”.
واستذكر حمادة أن شقيقه “تفاجأ بظهور الدبابات الإسرائيلية أمامهم بعد أن قطعوا مسافة قصيرة وفتحت الدبابات النار عليهم بشكل مباشر”.
وأضاف: “اتصلت بأخي وعادت ابنته ريان وأخبرتني بما حدث وأن والديها وإخوتها الثلاثة استشهدوا وهي وشيندي على قيد الحياة”، وتابع: “حاولنا تهدئتها وأنا أخبرتها أننا سنتصل بالإسعاف.”
لكنهم قالوا إنهم فقدوا الاتصال بالفتاة البالغة من العمر 15 عاما عندما اتصل بها مسعفو الهلال الأحمر الفلسطيني، وأشاروا إلى أنهم سمعوا طلقات نارية.
وقال الهلال الأحمر: “اتصلنا على رقم الهاتف فردت ليان”مشيرين إلى سماع إطلاق نار خلال الاتصال، “عدنا مرة أخرى واتصلنا على رقم الهاتف، فردّت الطفلة هند… بقينا معها على الخط حوالى ثلاث ساعات. لم نستطع إرسال سيارة الاسعاف مباشرة لأن المنطقة يعتبرها الاحتلال منطقة عسكرية مغلقة”.
وأضاف “بعد التنسيق وإعطاءنا الضوء الأخضر، توجهت سيارة الإسعاف إلى المكان. وصل الطاقم وأكد لنا أنه يرى السيارة التي تتواجد فيها الطفلة. في تلك اللحظة انقطع الاتصال مع الطاقم ومع هند”.
أكد حمادة أن حفيدته وكل من كان السيارة قتلوا جميعا، مضيفا أن “عددا من أقارب والدة الطفلة هند ذهبوا وشاهدوا السيارة وعثروا عليهم قرب محطة للوقود”، في منطقة لم يكن من الممكن الوصول إليها حتى الآن بسبب الوجود العسكري الإسرائيلي.
اتهمت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إسرائيل بتعمد استهداف سيارة الإسعاف التي أرسلتها لإنقاذ هند.
وقال الهلال الأحمر في بيان له إن “الاحتلال تعمد استهداف طاقم الهلال الأحمر رغم الحصول على تنسيق مسبق للسماح بوصول مركبة الإسعاف إلى المكان لإنقاذ الطفلة هند”.
وقال سميح حمادة، خال هند، إن سيارة العائلة كانت مليئة بالثقوب التي أحدثتها طلقات الرصاص.
ونشرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني صورة لسيارة الإسعاف وتظهر محترقة بالكامل تقريبا. وأظهرت لقطات مصورة من الموقع وجود سيارة الإسعاف على بعد خطوات فقط من السيارة التي قالوا إن الأسرة كانت تستقلها، وهي من طراز كيا بيكانتو سوداء اللون مدمرة ومليئة بثقوب خلفتها طلقات الرصاص.
لم يرد الجيش الإسرائيلي بعد على أسئلة بشأن إطلاق النار على سيارة تنقل مدنيين ولا بشأن مصير عناصر الإنقاذ.
وقالت شبكة “سي إن إن” إنها قدمت بعد وقت قصير من الحادث،تفاصيل حول الحادث للجيش الإسرائيلي بما في ذلك الإحداثيات التي قدمتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. وردا على ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إنه “ليس على علم بتلك الحادثة المذكورة”.
وعندما اتصلت الشبكة بالجيش الإسرائيلي مرة أخرى، أكد أنه “لا يزال يبحث في الحادث”.