رئيس «الغزل والنسيج»: لم نكلف الدولة أموال في تطوير المصانع.. وسددنا ديون بالمليارات

كشف عبد الفتاح إبراهيم رئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج، والأمين العام للإتحادين العربي والدولي للغزل والنسيج، في حوار خاص لـ”بوابة أخباراليوم” عن الخطة التي تكلفت عشرات المليارات من الجنيهات، والتي قادتها نقابة العاملين بالغزل والنسيج برئاسته، لإعادة صناعة الغزل والنسيج في مصر إلى الحياة مرة أخرى دون أن تكلف خزانة الدولة أية أموال، بعدما واجهت هذه الصناعه تحديات كبيرة واجهتها وتغلبت عليها بإمكانياتها الكبيرة ، في ظل الإرادة السياسية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، من خلال تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص، لتستعيد هذه الصناعة مكانتها المرموقة في الأسواق العالمية وتساهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني. وتعيد القيمة الكبيرة للقطن المصري .. وأسرار كثيرة تحدث عنها نقيب العاملين بالغزل والنسيج فى إلى نص الحوار.
كيف عادت صناعة الغزل والنسيج من جديد بهذا الزخم الكبير الآن؟
ـ كنا رائدين فى صناعة الغزل والنسيج وكان الناس في مصر والعالم العربي والعالم الدولي يتغنون بالقطن المصري والمنتج المصري ، الى أن تراجعنا سواء بفعل أو بدون قصد ولكن تراجعنا كان كبيرا في هذه الصناعة وتحديدا كان ذلك في فترة التسعينيات والألفية.
ومتى تم تدارك كل ذلك ؟
ـ تم ذلك عام 2014 وتحديدا في نهاية ديسمبر 2014 بقيام نقابة العاملين في الغزل والنسيج التي أرأسها، وجدنا أن هذه الصناعة في طريقها للضياع ، فقمنا أمام هذا الموقف بالتفكير كيف يمكن أن ننقذ هذه الصناعة و مصانعنا وعمالها ؟، ولم نقل أن هذا هو دور الحكومة ودور الشركه القابضة، وأن دورنا فهو زيادة الحوافز والبدلات، والخدمات لكن وجدنا أنه من مصلحتنا القيام بإنقاذ هذه الصناعة.
وهل كان إنعقاد مؤتمر إنقاذ صناعة العزل ضمن ذلك ؟
ـ جاء هذا المؤتمر إنطلاقا من حرصنا على عمالنا، فكما أننا حريصون على الصناعة فيجب أن نكون أيضا حريصون على العمال من التسريح ، لأنه بدون عمال فلن يكون هناك صناعة ، فاتفقنا على أهمية الاستعانة بكل من المهتمين في هذه الصناعة سواء فى القطاع الخاص أو الإستثماري وغيرها، وكان ذلك تحديدا في عام 2014 وقمنا بالإستعانة بكل الوزارات المعنية سواء الاستثمار ، قطاع الأعمال ، الزراعة ، الصناعة ، القوى العاملة ، التخطيط ،وزارة المالية، وأطلقنا على هذا المؤتمر إسم “انقاذ صناعه الغزل والنسيج” وخرجنا منه بورقة وضعنا فيها المشكلة والحل بدءا من البذرة حين تزرع في الأرض الى أن تتحول إلى منتج وهو الملابس، وراعينا في هذه الروشتة أن الدولة كانت في ظروف اقتصادية صعبة وأنها من الصعب أن تنفذ هذه الخطة بمليارات من الجنيهات، فراعينا مصادر التمويل التي يمكن أن نستعين بها سواء من تحديث البنية التحتية أو الماكينات التي تأتي من دول لديها صناعة و ريادة في صناعة الغزل والنسيج .
هل صحيح أنكم لم تكلفوا خزانة الدولة أموالا لتطوير قطاع الغزل والنسيج؟
ـ بالتأكيد لم نكلف خزينة الدولة أي أموال في عملية تطوير مصانع الغزل والنسيج حيث كنا نلجأ لبيع الأراضي التابعة للنقابة العامة وكل الأراضي التي تم الاستغناء عنها تم تسليمها إلى جهات حكومية والأسعار المتفق عليها مع هذه الجهات حتى لا يكون هناك أي شبهة في هذا الأمر وتسلمنا هذه الأموال قيمة الأراضي ، وقمنا من خلالها بالتطوير .
ما الموقف الحالى للديون المستحقة ؟
بالطبع هذا أول ما قمنا به وهو تصفية ديوننا الموجودة علينا، وقمنا بدفع مستحقات بنك الإستثمار ، وكانت قيمتها 10 مليارات جنيه وذلك مقابل قطعة أرض وهو ما تم أيضا بدفع ديوننا للكهرباء وللتأمينات وقيمتها 5 مليارات جنيه وأعطيناهم قطعة أرض وكان هناك فارق ما بين قيمة الأرض وقيمة الديون التي علينا للتأمينات فقمنا باسترداد قيمة الفرق ، وكان لدينا ديون أخرى إستبدلناها بأراض وتم إستغلال الفرق بين قيمة الأرض وقيمة الدين الذي تم به عمل البنية التحتية وإستكمالها لهذا المشروع ، والتي سوف نستكملها خلال هذا العام .
وماذا عن المعدات والآلات التي قمتم بشرائها من الخارج ؟
ـ بالطبع هذه الآلات كانت تمثل نصف التكلفة في عملية إصلاح منظومة الغزل والنسيج حيث قمنا بأخذ قرض واكتشفنا أن البلاد التي ذهبنا إليها لشراء الماكينات والمعدات، وهي سويسرا وألمانيا وإيطاليا لديها بنوك ، وهذه البنوك مستعدة لاعطائنا هذا القرض ولكن في مقابل ذلك تشغيل مصانعها من خلال بيع منتجاتها من هذه الماكينات والآلات لنا .
وهل ذلك تم بدون شروط؟
لا بالطبع كان هناك شرط لهذه البنوك، وهو أن تضمن الحكومة المصرية القرض.
وكيف تم ذلك؟
عندما بحثنا في مصر من في الحكومة المصرية الذي يمكنه أن يكون ضامنا، فوجدنا أن وزارة المالية هي الضامن في ذلك فقمنا بمخاطبتها وطلبنا منها ضماننا في هذا القرض فردت علينا وزارة المالية بأنها تريد ضمانات على أن تكون هذه الضمانات بتقديم أراض تقوم وزارة المالية برهنها كضمانة بقيمه القرض، وهو ما تم بالفعل وقمنا بتقديم أراضي تابعة للنقابة لوزارة المالية بقيمة القرض كرهن.
وما موقف وزارة المالية حينذاك؟
بعد إستجابة وزارة المالية لطلبنا بضمان القرض أرسلت الوزارة إلى مجلس النواب لإستكمال إجراءاتها الذي إستجاب وأصدر قانونا بذلك يعطي الحق لوزارة المالية في ضمان الشركة القابضة لهذا القرض و وفق ذلك قمنا بأخذ القرض وتم تحديد موعد إستحقاقه و جدولة الأقساط التي علينا وتم اعطاؤنا فترة سماح من البنوك قبل دفع الأقساط .
هل نجحتم في دفع هذه الاقساط فيما بعد ؟
_ بالفعل نجحنا في دفع هذه الأقساط تباعا حيث دفعنا القسط الأول، والثاني، والثالث، وكل ذلك بعيدا عن خزانة الدولة تماما ، و كان لدينا فترة سماح من هذه البنوك وعبر هذه الفترة من السماح قمنا بتشغيل بعض المصانع مثل مصنع (4) و من خلال إنتاجه إستطعنا دفع هذه الأقساط .
وماذا عن تشغيل باقي المصانع الأخرى ؟
بدأنا في تشغيل بعض المصانع مثل مصنع رقم (1) ولكن بصورة تشغيل تجريبية وليس بكامل طاقته وهو يعمل بنسبه 50% من طاقته وانتاجه ولكنه أيضا به إنتاج .
هل شملت خطة التطوير مصانع المحلة فحسب ؟
ـ بالطبع لا فالخطة لدينا، لم تشمل مصانع المحلة فقط، بل لدينا هناك مصانع كفر الدوار وشبين و الدقهلية، و دمياط ، حلوان ،الوجه القبلي، الحليج الصناعي، شركة الحليج، شركة تسويق.
10 مصانع يتم تطويرهم، ولكن يتم تسليط الضوء على المحلة لأنها تستحوذ على 45% من خطة التطوير.
ومن المتوقع الانتهاء من خطة التطوير مع نهاية عام 2025، أو بداية عام 2026، حيث أننا انتهينا حاليا من المرحلة الأولى من الخطة، وبدأنا المرحلة الثانية مع بداية عام 2025، ومن المتوقع الإنتهاء فيها مثل شركات كفر الدوار، شبين الكوم، الدقهلية، دمياط، الوجه القبلي، حلوان.
وهل واجهت عملية التطوير تحديات أخرى ؟
-عملية التطوير كانت تسير على أكمل وجه، ولكن قابلتها مشكلة في تدبير الموارد، حيث كان من المتوقع تبديل أراضي لجهات حكومية ولن نحصل منها على موارد مالية، ولكن تم حل تلك الأزمة.
وأتوقع حين الانتهاء من تلك الخطة، سيكون ذلك القطاع علامة فارقة في التصدير بالنسبة للدولة المصرية.
هل ترى أن الخطة بدأت تحقق أهدافها؟
ـ الأرقام تتحدث عن ذلك، فالإنتاج محجوز في المصانع لمدة عام، و كنا نعاني من قبل من مسألة الجودة، ولكن اعتمدت خطة التطوير على تزويد المصانع بأحدث وأعلى الآلات والمعدات على مستوى العالم، وهذه الآلات تعد أحدث من الآلات الموجودة حاليا في شركات القطاع الخاص.
وتمتلك تلك المصانع طلبيات لعام قادم لعدد من الدول الأوروبية والعربية، حيث نسعى خلال الفترة القادمة لتصدير الإنتاج للدول للحصول على العملة الأجنبية وبالأخص الدولار.
وأود أن أؤكد لك أن المصنع الذي قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بافتتاحه يعد أكبر مصنع في الغزل والنسيج على مستوى العالم كله من حيث الطاقة الإنتاجية.
هل يمكن القول أننا استطعنا حاليا إسترجاع قيمة القطن المصري كما كان في الماضي ؟
ـبالطبع، ففي الماضي كانت المؤسسات والهيئات الحكومية تعمل كل منها على حدا، ولكن اليوم نعمل وفق 6 وزارات معنية بالقطاع تعمل جميعها بأيد واحدة، وهناك تكامل كبير بين الوزارات، فمثلا هناك تعاون مع وزارة الزراعة لإنتاج القطن اللازم لتلبية احتياجات تلك المصانع.
وهناك توجيهات بزرع القطن القصير في شرق العوينات، كتجربة قائمة منذ 3 سنوات، ومن المقرر الانتهاء منها قريبا لعرض نتائجها على الرئيس عبدالفتاح السيسي، لمعرفة استكمال تلك الزراعة من عدمه.
إذن صناعة الغزل والنسيج إستثمار متكامل؟
ـبالتأكبد فنحن نستثمر في شقين، الأول منه زراعة القطن المصري، والثاني هو العامل المصري، حيث يتم حاليا تدريب عمال شركة المحلة من قبل مركز تدريب يتوافر به مدربين وخبراء من الخارج، كما يتم توعية العمال وذلك عن طريق النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج، من خلال الدورات التدريبية التوعوية، لتثقيف العمال على المتغيرات التي تحدث حاليا لسوق العمل، وحرب الجيل الرابع، وحفاظهم على ممتلكاتهم وبلده، لأن هذا يعتبر دور أساسي للنقابة العامة في توعوية وتثقيف العمال.
ما هي الخدمات المقدمة من النقابة التي ترأسها لعمال الغزل والنسيج؟
_القانون في الماضي كان يعطي للنقابة العامة، كل الصلاحيات في التعامل مع العمال، حيث كانت عضوية العامل في الماضي عضوية نقابة عامة، أما حاليا في ظل القانون الجديد صارت اللجنة النقابية هي المسئولة عن الدفاع عن حقوق العمال اليومية، فيما يخص الجزاءات والترقيات والبدالات، والحوافز، و صار دور النقابات العامة ينصب على التوعية والتثقيف، وأيضا دور استشاري للجان النقابية، حيث نقوم بتدريب أعضاء اللجان النقابية على المفاوضة الجماعية، والإلمام بالقوانين المتعلقة بملف العمل، ليصبحوا قادرين على الدفاع عن عملهم.
كم عامل ينتمي لنقابة الغزل والنسيج؟
لدينا في القطاع نحو مليون و250 عامل، منهم نحو مليون و200عامل يعملون في القطاع الخاص، والباقي في القطاع الحكومي، ومن غير المعقول القول بأن القطاع الخاص هو شريك أساسي بل هو الأساس.
ما رؤيتكم فيما يخص الحد الأدنى للأجور؟
الحد الأدنى للأجور في القطاع يصل إلى 6000 جنيه وفقا لما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولكني أرى أن حتى لو أن أجر العامل 10 آلاف جنيه، فإنه غير كافي لسد متطلبات الحياة في تلك الظروف، كما أن أمر تحميل العامل في قطاع الأعمال العام لدفع الضرائب من الحد الأدنى للأجور المطبق عليه أمر غير منطقي ويحد من حق العامل في تلبية احتياجاتهم، ونتمنى في الفترة القادمة يتم تطبيق الحد الأدنى للأجور في قطاع الأعمال العام وفقا لما يتم تطبيقه في القطاع الحكومي، وعدم التفرقة بينهم، حيث أن القطاعين يعملون في الدولة، وأناشد مجلس النواب أن ينتصر لإرادة عمال القطاع العام في تسويتهم بالقطاع الحكومي عند تطبيق الحد الأدنى للأجور.
قطاع الغزل والنسيج يتمنى أن يتم تطبيق حياة كريمة عليه، فهو قطاع عانى كثيرا خلال الفترة الماضية، من وجبات متدنية، وحوافز وبدالات متدنية، فنحن ننتظر بعد الانتهاء من التطوير أن يتم النظر لمتطلبات عمال ذلك القطاع من الجهات المعنية بذلك.
هل ترى أن تطوير قطاع الغزل والنسيج هو جزء من خطة مصر 2030 للتنمية المستدامة؟
كما حدث في قطاع الغزل والنسيج من تطوير هو إعجاز وإنجاز، فالقطار انطلق والسفينة أوحت، ولا عودة للخلف، وأؤكد أن التطوير لو كان تأخر للفترة الحالية كان من الممكن أنه لن يتم، لذا أرى أن القطاع أفلت من الظروف الحالية.
نحن نحتاج خلال الفترة القادمة إلى مشروعات صناعية، فالقترة السابقة شهدت تقديم مشروعات خدمية كثيرة كان لابد منها مثل الطرق والكباري، والبنية التحتية، حيث أن ذلك من أهم طرق جذب الاستثمار، ولكن لابد خلال الفترة المقبلة أن تشهد الدولة خدمات صناعية كثيرة، للحصول على العائد، حيث أن المشروعات الخدمية تجذب الإستثمارات ولكنها لا تستطيع أن تأتي بعائد.
تشغل منصب الأمين العام للاتحادين العربى والدولى للغزل والنسيج.. فكيف ترى وضع الصناعة على مستوى المنطقة العربية في ظل ما تشهده من أحداث؟
ـ دول منطقة الشرق الأوسط والدول العربية تمتلك من المقومات الذاتية سواء نفطية أو غذائية ومياه ما يمكن العالم كله من وفاء احتياجاته، وخلال اجتمعاتنا مع نقباء الغزل والنسيج في الوطن العربى، نجد أن تلك الصناعة انتهت من المغرب، والأردن، وتونس، ليبيا، سوريا، فلسطين، اليمن، ولبنان. وحلت محلها صناعة الملابس الجاهزة، لرغبة الدول الصناعية الكُبرى في أن تحول دول المنطقة إلى “ترزية” استغلالا للعمالة الرخيصة بالمنطقة، وتصدير الصناعات الجاهزة لصالحك، والاعتماد على المواد الخام من الدول العظمى.
وبالتالي الدول العربية كلها توقفت بها صناعة الغزل والنسيج وتحولت إلى الملابس الجاهزة، عدا مصر والجزائر هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللذين مازالوا محتفظين بصناعة الغزل والنسيج، وبالتالي أكدنا بالاتحاد العربى لعمال الغزل والنسيج على ضرورة وجود تكامل اقتصادى بين الدول العربية، رغم ما يواجهه من تحديات، واعتقد أن الحركة النقابية العمالية العربية قادرة على أن تؤثر في صناعة القرارات في المنطقة، رغم تراجع هذا الدور خلال الفترة الماضية.
وهل ترى أن رئاسة مصر للإتحادات العمالية العربية والدولية تصب في مصلحة صناعة الغزل والنسيج ؟
– مصر دائما رائدة في رئاسة الإتحادات العربية والدولية، فالعلاقات الدولية تساعد على تسويق المنتجات المصرية وفتح أسواق جديدة للتصدير، كما أننا كمنظمات عربية نقوم بتبني القضايا العربية العمالية المشتركة في ورش العمل والمؤتمرات التي يتم عقدها، والنقابيون هم سفراء لبلادهم في البلدان المختلفة.
ما الرسالة التي يمكن أن توجهها للعمال في ختام حوارنا معكم ؟
اود أن أؤكد لعمال مصر أن القادم سيشهد مزيدا من الازدهار والاستقرار، وبالنسبة لعمال الغزل والنسيج، فأنتم تحملتم الكثير ، و بالتأكيد سيتم النظر لأجوركم ورفعها بما يدفعكم لزيادة الإنتاج في هذه الصناعة الهامة في الإقتصاد المصري .