أوروبا تستقل عن واشنطن.. خطة دفاعية كبرى دون الولايات المتحدة

تسعى أوروبا إلى تقليص اعتمادها على الولايات المتحدة من خلال تنفيذ خطة دفاعية كبرى تهدف إلى تطوير قدرة القارة على تأمين أمنها واستقرارها بعيدًا عن الدعم الأمريكي.
وتأتي هذه المبادرة في وقت حساس، حيث يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات جيوسياسية متزايدة، في مقدمتها التهديدات والتغيرات الاستراتيجية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وفي هذا السياق، أطلقت المفوضية الأوروبية خطة طموحة تستهدف زيادة الإنفاق الدفاعي وتطوير قدرات صناعية وعسكرية أوروبية، مع تركيز خاص على تقوية التعاون مع الدول الأعضاء والحلفاء خارج الاتحاد.
وفي سياق هذا التحول، تم استبعاد شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية من خطة الإنفاق الدفاعي الجديدة التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي، في خطوة تشير إلى رغبة قوية في تحقيق الاستقلال الدفاعي، وفي إطار هذه الاستراتيجية، تم وضع تصور يتضمن تعزيز التعاون مع حلفاء غير تقليديين، مثل كوريا الجنوبية واليابان، ما يفتح آفاقًا جديدة لتعزيز التعاون الأمني بعيدًا عن التوقعات الأمريكية التقليدية، وفقًا لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية.
وأعلن الاتحاد الأوروبي عن خطط ضخمة للتوسع في الإنفاق الدفاعي، حيث تم استبعاد الشركات الأمريكية من خطة جديدة تهدف إلى إعادة هيكلة الدفاع الأوروبي وتعزيز قدراته المستقلة، وحسبما ورد، ستركز هذه الخطة على تخصيص أموال لشراء المعدات الدفاعية الأوروبية، مع تعزيز البنية التحتية للصناعات الدفاعية المحلية في القارة العجوز.

وأكدت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أنه حان الوقت للاتحاد الأوروبي لزيادة اعتماده على نفسه في هذا المجال، مما يتطلب تعزيز الاستثمار في الأسلحة والتكنولوجيا الأوروبية.
وفي إطار هذه الخطة، بدأ الاتحاد الأوروبي في إشراك دول شريكة مثل كوريا الجنوبية واليابان، إضافة إلى دول رابطة التجارة الحرة الأوروبية، في مبادرات شراء الأسلحة المشتركة، مما يوسع دائرة التعاون الأمني.
ومن جانب آخر، اعتبر أندريوس كوبيليوس، مفوض الدفاع الأوروبي، أن أوروبا بحاجة إلى التوسع في نطاق تهديداتها الأمنية لتشمل تطورات جيوسياسية في أماكن أخرى من العالم، وليس فقط التركيز على روسيا.
وفي الوقت الذي كانت فيه نسبة كبيرة من مشتريات الدفاع في الاتحاد الأوروبي موجهة إلى الشركات الأمريكية في السنوات السابقة، فإن المفوضية الأوروبية تسعى إلى تغيير هذه المعادلة، من خلال مقترحات تشريعية جديدة، تهدف المفوضية إلى تسهيل زيادة الإنفاق العسكري وتحقيق تكامل أكبر بين أسواق الدفاع الأوروبية، وهو ما يعكس رغبة الاتحاد في زيادة الاعتماد على نفسه.
وبالرغم من أن الولايات المتحدة تعتبر حليفًا تقليديًا قويًا لأوروبا، فإن التحولات السياسية تحت إدارة ترامب قد دفعت القارة الأوروبية، إلى التفكير في ضرورة تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، لا سيما في ضوء القرارات المفاجئة التي اتخذها الرئيس الأمريكي، مثل تقليص الدعم العسكري لأوكرانيا، لتلقي هذه التحولات الضوء على الحاجة إلى بناء قدرة دفاعية أوروبية مستقلة.
من بين أبرز المبادرات التي طرحها الاتحاد الأوروبي لتسريع خططه الدفاعية، أداة “SAFE” التي تقدم قروضًا تصل إلى 150 مليار يورو لدعم الإنفاق الدفاعي لدول الاتحاد، وهذه القروض ستكون متاحة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الدول الصديقة خارج الاتحاد مثل أوكرانيا والنرويج، ما يعزز التعاون الأمني بشكل أكبر على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ومن الممكن أيضًا أن تنضم تركيا وصربيا إلى الاتحاد الأوروبي في المستقبل، حيث تُعتبران دولتين مرشحتين للانضمامـ وبالرغم من استبعاد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من الخطة في الوقت الحالي، فإن الوضع قد يتغير بالنسبة للمملكة المتحدة، بحسب صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية.
حيث أكدت كايا كالاس، كبيرة دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، أنهم يعملون على تعزيز الشراكة الدفاعية والأمنية مع المملكة المتحدة، آملين في تحقيق نتائج ملموسة في القمة القادمة في مايو.
كما أعربت كندا عن رغبتها في تعزيز التعاون الأمني مع الاتحاد الأوروبي، بينما طرح الاتحاد أيضًا فكرة توسيع التعاون الدفاعي مع دول مثل أستراليا ونيوزيلندا والهند، ووفقًا لمسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، هناك اهتمام متزايد من جميع أنحاء العالم للتعاون مع الاتحاد في مجال الأمن والدفاع.
في هذه الأثناء، تحاول المفوضية الأوروبية إرضاء فرنسا، إحدى أكبر الدول المنتجة للأسلحة في القارة العجوز، من خلال توفير مزايا خاصة لشركات الدفاع الأوروبية.
وفي خطوة أخرى لتقليص تأثير الشركات غير التابعة للاتحاد الأوروبي، تم الاتفاق على منع وصول الدول الأجنبية إلى المعلومات الحساسة المرتبطة بالمشتريات الدفاعية.
بالإضافة إلى ذلك، تم وضع حد أدنى للمكونات المؤهلة للتمويل بحيث يجب أن تكون 65% منها من إنتاج أوروبي، ويشمل ذلك أوكرانيا والنرويج، مع استبعاد أنظمة الأسلحة التي يمكن لدولة غير عضو في الاتحاد الأوروبي التحكم في تصميمها أو استخدامها، وهذه الخطوة تستهدف الحد من تأثير المشاريع العسكرية التي تتعاون فيها الشركات الأوروبية مع الشركات الأمريكية.
وستقوم المفوضية الأوروبية بتقديم القروض لتمويل المشاريع الدفاعية المشتركة بين دولتين أو أكثر من دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يهدف إلى تعزيز التكامل الدفاعي في القارة.
وأوضح مسؤول من الاتحاد الأوروبي أن هذه الخطوة تهدف إلى الحد من التشرذم وتحفيز الدول الأعضاء على التعاون وشراء الأسلحة بأسعار أفضل، وفي محاولة لتسريع عملية شراء الأسلحة، سمحت المفوضية لدول الاتحاد الأوروبي بتقديم طلبات فردية خلال الأشهر الاثني عشر الأولى.
كما تتيح الخطط الجديدة للدول الأعضاء تجاوز حدود الإنفاق التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، وهو ما يسمح لها بتجاوز حد الإنفاق العام الذي يتم تحديده بنسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لمدة أربع سنوات.
ويُذكر أن الموعد النهائي لتقديم طلبات القروض هو 30 يونيو 2027، بينما ستتمكن الدول من استخدام الأموال حتى نهاية عام 2030، على أن تسدد القروض خلال 45 عامًا.
الحياة نيوز موقع إخباري شامل يهتم بتغطية كافة الأحداث على المستوى الدولي والمحلي ورصد أهم الأخبار والاقتصاد أسعار الذهب ،البورصة المصرية ،أخبار الرياضة ،محافظات ، حوادث ، أخبار التعليم .