إيران تلوح بالخروج من معاهدة منع الانتشار النووي.. هل ستكرر سيناريو كوريا الشمالية؟

أعلنت إيران رسميًا أن برلمانها يعد مشروع قانون للانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، في تطور خطير يأتي عقب الضربات الإسرائيلية على منشآتها النووية في 13 يونيو الماضي، وكشف المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني إبراهيم رضائي أن إعادة النظر في عضوية إيران بالمعاهدة أصبحت مطالبة جدية مطروحة رسميًا على جدول أعمال البرلمان، حسبما ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء.
السياق والدوافع وراء التهديد الإيراني
جاء هذا الإعلان عقب اجتماع طارئ للجنة البرلمانية يوم الأحد، بحضور أعضاء اللجنة وممثلي منظمة الطاقة الذرية ووزارة الخارجية، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان.
وأكد معاون منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في الجلسة أن الوضع تحت السيطرة بفضل التدابير الوقائية المتخذة مسبقًا.
تبرر طهران تهديدها بالانسحاب بأن الضربات الإسرائيلية الأخيرة، التي استهدفت مواقع نووية وعسكرية وأودت بحياة علماء وكبار القادة، تثبت أن معاهدة حظر الانتشار النووي لم تعد تضمن أمنها.
وتشتكي إيران من أن المعاهدة ونظام منع انتشار الأسلحة النووية فشلا في حمايتها من هجوم من دولة تملك ترسانة نووية وهي الولايات المتحدة، ودولة أخرى يُعتقد على نطاق واسع أنها تملك ترسانة نووية وهي إسرائيل، وفقًا لتقارير وكالة رويترز.

معاهدة منع الانتشار النووي
تُعتبر معاهدة منع الانتشار النووي، التي وُقّعت عام 1968 ودخلت حيز النفاذ عام 1970، حجر الزاوية في الحد من الأسلحة النووية عالميًا، وتهدف إلى وقف انتشار القدرة على صنع الأسلحة النووية وضمان حق جميع الدول الموقعة في تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية، بالإضافة إلى تخلص القوى النووية الخمس من ترسانتها من تلك الأسلحة.
تُصنف المعاهدة الدول إلى فئتين، الأولى: الدول الخمس الحائزة للأسلحة النووية وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا (التي أجرت تجارب على أسلحة نووية قبل عام 1967)، والثانية هي الدول غير الحائزة للأسلحة النووية التي توافق على عدم السعي لامتلاك قنابل ذرية.
حاليًا، تضم المعاهدة 191 دولة، بما في ذلك إيران التي صادقت عليها عام 1970.
والجدير بالذكر أن الهند وباكستان وإسرائيل، وهي دول تمتلك أسلحة نووية، لم توقع عليها قط، بينما انسحبت كوريا الشمالية عام 2003 وطردت مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2009.
آلية الانسحاب والوضع القانوني
تسمح المادة العاشرة من المعاهدة لأي طرف بالانسحاب “إذا قرر أن أحداثًا استثنائية تتعلق بموضوع هذه المعاهدة، عرضت المصالح العليا لبلاده للخطر”، شريطة أن يُقدّم إشعارًا قبل ثلاثة أشهر للدول الموقعة الأخرى ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ويجادل المسؤولون الإيرانيون بأن هجمات إسرائيل والضغوط الغربية تُعدّ أحداثًا من هذا القبيل.
التداعيات الفورية والطويلة المدى للانسحاب
إذا انسحبت إيران، فلن تكون مُلزمة بعد الآن بالسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى منشآتها النووية، وتشير بيانات الوكالة إلى أن المفتشين كانوا يزورون المواقع الإيرانية بمعدل 1.4 مرة يوميًا في عام 2024، مما يعني أن فقدان هذه الشفافية سيُبقي العالم في جهل كبير بحالة ومسار البرنامج النووي الإيراني.
وتشير الوكالة إلى أنها فقدت بالفعل ما يسمى “استمرارية المعرفة” لسنوات عديدة، ولن تتمكن من جمع كل ما حدث في مجالات تشمل إنتاج أجهزة الطرد المركزي ومخزون إيران من “الكعكة الصفراء” (اليورانيوم غير المخصب).
ويعني اختفاء عدد من أجهزة الطرد المركزي أنه من غير المستبعد استخدامها لتخصيب اليورانيوم سرًا في منشأة غير مُعلنة.
سابقة خطيرة وسباق تسلح إقليمي
حذرت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار النووي في جمعية الحد من التسلح، من أن انسحاب إيران سيُشير إلى الدول الأخرى بأن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي هو مسار قابل للتطبيق، مما قد يُقوّض سلطة المعاهدة.
وأضافت أنه “إذا انسحبت إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي وطوّرت أسلحة نووية، فقد يكون لذلك تأثيرٌ مضاعف في المنطقة”، حيث قد تسعى قوى إقليمية أخرى إلى امتلاك رادعات نووية.

التحديات والانتقادات الموجهة للنظام الحالي
يصف منتقدو معاهدة حظر الانتشار النووي، كالهند على سبيل المثال، المعاهدة بأنها تمييزية، لأنها تُرسّخ وضع “الدول الحائزة” و”الدول غير الحائزة” على أساس تاريخي.
في المقابل، لم تُوقّع إسرائيل على المعاهدة قط، ويُعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك أسلحة نووية، مُحافظةً على سياسة غموض مُتعمّدة.
وأثبت انسحاب كوريا الشمالية عام 2003، وما تلاه من تطوير أسلحة، أن عضوية معاهدة حظر الانتشار النووي ليست ضمانة مثالية ضد الانتشار، لكن الخبراء يتفقون على أن المعاهدة نجحت في إبطاء انتشار تكنولوجيا الأسلحة النووية وتوفير إطار للضغط والتفتيش الدوليين.
الوضع الراهن والتطورات الأخيرة
كان إعلان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 12 يونيو أن إيران تنتهك التزاماتها في مجال منع الانتشار النووي بمثابة أول قرار من نوعه منذ ما يقرب من عشرين عامًا.
وأشار القرار إلى “العديد من الإخفاقات من جانب طهران منذ 2019 في الوفاء بالتزاماتها بتوفير التعاون الكامل للوكالة فيما يتعلق بالمواد والأنشطة النووية غير المعلنة في مواقع متعددة”.
من القضايا المحورية المثيرة للقلق عدم تقديم طهران تفسيرات مقبولة لكيفية وصول آثار اليورانيوم المكتشفة في مواقع غير معلنة إلى هناك، رغم تحقيق الوكالة في المسألة لسنوات.
وتعتقد الوكالة أن هذه الآثار تشير في الغالب إلى أنشطة نُفذت قبل أكثر من عشرين عامًا.
الحياة نيوز موقع إخباري شامل يهتم بتغطية كافة الأحداث على المستوى الدولي والمحلي ورصد أهم الأخبار والاقتصاد أسعار الذهب ،البورصة المصرية ،أخبار الرياضة ،محافظات ، حوادث ، أخبار التعليم .