المقالات

الاء نصر تكتب ..حماتي جننتني


كثيرةٌ هي القصص التي نسمعها عن الصراع الأزلي بين " الحماة " و " الكنة " ، حتى يمكن لمشاكل الشرق الأوسط أن تُحل يوماً ، لكن مشاكل هذا الثنائي من الصعب أن تتوصل فيها الأطراف المختلفة إلى حل.
 
تربينا في مجتمعاتنا العربية على ثقافة العِداء، حتى وإن كانت إحداهن جيدة التعامل ، طيبة الأصل ، نجد أن الأخرى تقوم باستباق الضربة المتوقعة .. بضربة ! نحن هكذا نخشى من حالة السِلم بين الطرفين، ونبقى نُشكك في النوايا، ونتهيأ لمصيبةٍ قادمة ، وكأن هذا الوضع غير طبيعي.
 
قبل الزواج، كانت الفكرة التي تدور في رأسي أن " الحماة " هي سيدة متجبرةٌ ظالمة، زفت ابنها لتأتي بامرأة تقتص منها، هكذا قالت لنا ثرثرات النساء هنا وهناك، أما بعد الزواج، فأيقنت أن هذه السيدة الشريرة، لم تكن موجودة إلا في خيالات البعض وحسب.
 
بعد الزواج ايضاً، بقيت ألسنة من حولي تلوك نفس السؤال " كيف حماتك ؟ " … سؤال كأنه مخيف ، يُسأل بتمتمة ، مع بحة بالصوت، وغمغمة بالعيون، لكن لماذا كل هذا !
كلما وجه إليّ هذا السؤال .. أخذته من منطلق ، كيف امك ؟ كيف اختك ؟ كيف جارتك ؟ كيف زميلتك ؟ فحماتي سيدة كأي سيدة أخرى، هل أخاف حين أُسأل عن أحوال زميلتي بالعمل ؟ بالطبع لا ، أجيب عن كل الأسئلة السابقة بذات اللهجة والطريقة، مثلاً : زميلتي، تعمل بجد… وحماتي تصنع طعاماً لذيذاً، جارتي نظيفة .. وحماتي مثقفة، ما المخيف في الأمر !
 
قديماً حاولوا أن يقربوا بين هذين القطبين عن طريق الزوج، في الحقيقة الزوج هو الطرف الضائع في هذه المعادلة، ومع ذلك لم انظر يوماً للموضوع من زاوية الوفاء له، لا يقنعني القول أن هذه السيدة التي قد تُعنفها " الكنة " هي من انجبت رجالنا ، وأنه من باب الحب للزوج، ورد الجميل لها أن تُعامل معاملة طيبة، الجميل يجب أن نصنعه بحق أنفسنا أولاً، حين نتعامل بشكل جيد مع الجميع، فلو كانت والدة الزوج متوفية، هل ستعجز الكنة عن حب زوجها والوفاء له ؟
 
حماتي لا تطالع المواقع، ولا تقرأ بشكل جيد، ولن يصلها مقالي هذا، فيا حماتي جننتيني، هذه الطيبة لم يقولوا لي يوماً أنها من صفات الحماة، ووجدتكِ طيبة، حنونة، استثنائية. وعلى عكس من يقلن " شكراً لحماتي لأنها انجبت حب حياتي"  أقول  " شكراً لزوجي الذي لولاه ما عرفت حماتي" .
 


الاء نصر 
كاتبة ومذيعة 
فلسطينية 
 
 
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى