بنوك

البنك المركزي يقود اصلاحات اقتصادية تدعم الصناعة المحلية وتتصدي لفوضي الاستيراد

 

كتب : سيد اسماعيل 

اتخذ البنك المركزي عدة قرارات خلال الاسابيع القليلة الماضية لاقت اهتماما وصدي في وسائل الاعلام الدولية والمحلية وبين الاقتصاديين حتي اصبحت حديث الرأي العام المصري علي غير العادة حيث لايهتم المصريون كثيرا بالتفاصيل الفنية في الاقتصاد ، تلك القرارات تعكس تغييرا قادما في الاقتصاد باتت ملامحه واضحة كما تعكس في الوقت ذاته توجها لدولة تريد ان تواجه الازمات وتعالج الخلل وتعمل لصالح الاغلبية وصولا الي ازالة مسببات الاضطرابات التي شهدتها مصر السنوات الماضية للحيولة دون تكرار الخسائر .

قبل شهرين اصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قرارا بتعيين محافظ جديد للبنك المركزي ومع نهاية اليوم تراجع سعر الدولار عشرون قرشا  رغم ان المحافظ الجديد لم يكن قد تسلم مهام عمله بعد وبالتالي لم يتخذ اية قرارات ترفع من حالة العملة المحلية التي تعاني ؛ فما السبب ؟
في وقت لاحق وفي اول ايام العمل الرسمي للادارة الجديدة في البنك المركزي اصدر الرئيس قرارا بتشكيل المجلس التنسيقي، بعدها بايام  قررالبنك المركزي سداد مستحقات المستثمرين الاجانب في البورصة المصرية وكان يمكن ان يستخدم هذا المبلغ في عمليات استيرادية مثلا او زيادة الاحتياطي..فلماذا سداد مستحقات الستثمرين ؟
 
 
الرئيس ومحافظ المركزي
 
انخرط المركزي في تغطية طلبات المستوردين عبر عطاءات استبعد منها 18 بنكا ، واعلن عن مبادرة للعاملين بالسياحة التي تمر بظروف صعبة كما اصدر تعريفا للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ..بعد اسبوعين وفي الوقت الذي قررت فيه اغلب البنوك المركزية حول العالم يقودهم الفيدرالي الامريكي رفع سعر الفائدة فاجأ محافظ البنك المركزي الجميع واعلن عن ارجاء قرار تحديد سعر الفائدة الي الخميس التالي انتظارا لاجتماع المجلس التنسيقي بين الحكومة والبنك المركزي اعتبره البعض ارتباكا بينما وصفه الدكتور محمد العريان بالرسالة القوية ..فما الحقيقة ولماذا قررالمركزي التأجيل ؟

قبل ايام اصدر البنك المركزي بيانا بشأن رفع التأمين النقدي علي العمليات الاستيرادية الي 100% بدلا من 50% وهو الامر الذي اثار ردود افعال واسعة ومتوقعة ..الرأي العام والمجتمع الصناعي رحبوا بالقرار بينما المستوردون رفضوه لاسباب تتعلق بتجارتهم وحذروا من ارتفاع الاسعار ، بدت الصورة اكثر وضوحا عندما عقد محافظ البنك المركزي مؤتمرا صحفيا كشف فيه عن ملامح خطة ممنهجة تحاول تدارك الخلل ومواطن الضعف في الاقتصاد المصري ولكن قبل الخوض فيما جاء في المؤتمر الصحفي علينا ان نحاول الاجابة علي التساؤلات السابقة حتي نصبح اكثر استعدادا لفهم مايدور .
انخفض الدولار قبل ان يتولي المحافظ الجديد مهام عمله لان الرجل يحظي بسمعة مهنية عالية من حيث الكفاءة والقدرة علي الادارة والمواقف المعلنة ضد المطاردة والاغلاق مع الاقتصاد الحر ولكن بضوابط ولصالح الاغلبية لذا استقبلت الاوساط القرار بارتياح وهدأ سوق الصرف فقد خاض قبل ذلك مع الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي الاسبق معركة لاصلاح القطاع المصرفي الذي كان يعاني من ازمة تعثر حينها قدرها البعض بـ 130مليار جنيه في عام 2003  
كما خاض مع العقدة ايضا معركة دفاع بنوك الدولة عن اموالها لدي احد كبار رجال الاعمال كما قاد تغييرا كبيرا في اداء احد بنوك الدولة حين نجح في زيادة ارباح البنك الاهلي من 400مليون جنيه الي 4 مليارات جنيه في 3 سنوات اضافة الي تطوير البنك ، وقد اثبتت الايام ان الاصلاحات المصرفية التي تم تنفيذها هي التي انقذت الاقتصاد في سنوات الاضطراب اضافة الي ان الايام اثبتت ان دولارا واحدا لم يتم تهريبه من البنوك ..ربما خرجت بعض الاموال عن طريق البورصة.
جري تشكيل المجلس التنسيقي برئاسة رئيس الحكومة وعضوية محافظ البنك المركزي ووزراء المالية والاستثمار والتجارة والصناعة ونائبا المحافظ ووكيله للسياسة النقدية اضافة الي الدكتور فاروق العقدة المحافظ الاسبق وله تجربته الناجحة في التعامل مع ازمة التعثر واصلاح الجهاز المصرفي والدكتور محمد العريان الاقتصادي المصري العالمي الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لـ بيمكو اكبر شركة لادارة السندات في العالم ، ربما تفكر مصر في طرح سندات دولية الفترة القادمة كما تفعل العديد من الدول مؤخرا والدكتورة عبلة عبداللطيف من ذوي الخبرة ..الهدف من المجلس التنسيقي وضع السياسة النقدية بين البنك المركزي والحكومة لان الاصلاحات والقرارات المصرفية وحدها لن تنقذ العملية المحلية والاقتصاد الوطني .
 
 
الدكتور فاروق العقدة والدكتور محمد العريان 
 
 
أما سداد مستحقات المستثمرين الاجانب في البورصة فقد اتضح الهدف منه سريعا حيث ارتفعت البورصة الجلسة التالية ولازالت مستمرة في الصعود ويعكس هذا القرار القدرة علي توظيف الادوات فقد ادت عملية السداد الي طمأنة المستثمرين الاجانب وحتي المحليين واوصلت رسالة ان الدولة تفي بالتزاماتها المعلقة منذ سنوات بسبب الاضطرابات السياسية وتقترب من تحقيق الاستقرار وأنها مع حرية حركة رأس المال ولكن طبقا لقواعد وضوابط  ولاقي هذا القرار ردود افعال دولية ومحلية.
فيما يتعلق بتغطية العمليات الاستيرادية واستبعاد 18 بنكا وومبادرة العاملين بالسياحة والمشروعات الصغيرة فالاجابة جاءت علي لسان محافظ البنك المركزي في مؤتمره الصحفي الاول بعد توليه المنصب حيث قال ان هذه الأزمة ليست الأولى من نوعها التى تتعرض لها البلاد، وستعبرها كما عبرت الأزمات السابقة.
اضاف ان البنك المركزى ضخ 8.2 مليار دولار خلال 6 أسابيع لتمويل عمليات التجارة الخارجية، وإنهاء مستحقات المستثمرين الأجانب فى البورصةإن هذه الأزمة ليست الأولى من نوعها التى تتعرض لها البلاد، وكشف عامر عن خطة متكاملة بهدف النهوض بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة تستهدف إتاحة 100 مليار جنيه لهذا القطاع خلال 7 سنوات، وتشمل تسهيل شروط الاقتراض.
ايضا كشف عن استراتيجية جديدة للقطاع الزراعى، لتسهيل تمويل المزارعين، بعد إصلاح البنك الزراعى، مضيفاً أن البنك يدرس دعم الفلاح في نفقات الزراعة وتكلفة الحصول على الأسمدة لتغطية متطلبات البلاد من المنتجات الزراعية
كان البنك المركزى قد أطلق تعريفات أكثر تحديداً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة قبل أسبوعين، قسمتها إلى 4 شرائح، هى متناهية الصغر والصغيرة جداً والصغيرة والمتوسطة.
اوضح عامر إن الهدف هو خلق منتجات مصرية، لأننا وقعنا اتفاقيات تجارة حرة مع دول العالم دون أن نكون مؤهلين لذلك وكانت النتيجة أن مصر أصبحت سوقاً لمنتجات تلك الدول دون أن يكون لديها ما تبيعه لها لعل ماسبق يجيب عن اسباب تأجيل اعلان اسعار الفائدة للمرة الاولي في تاريخ البنك المركزي وهوالقرار الذي الذي لم يستوعبه البعض بينما اصاب هدفين في الوقت ذاته الشفافية واكتساب المصداقية وفي نفس الوقت ضرورة انتظار اجتماع المجلس التنسيقي فالوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل والمركزي يحتاج من الحكومة قرارات لتنجح الاصلاحات الاقتصادية ، فهناك خلل في الميزان التجاري والواردات سجلت 90 مليار دولار وليس 76 مليار كما تقول تقارير اعلامية او60 مليارا كما تقول التقارير الرسمية ..والمشروعات الصغيرة والمنتج المحلي لايستطيع المنافسة مع بضائع مستوردة تباع باسعار زهيدة وبالتالي لن يكون هناك أي امل لمشروع صغير دون قرارات من الحكومة تتعلق بالواردات والجمارك وذلك نتيجة سوق مفتوح دون ضوابط حيث اغلب الاجهزة الرقابية علي الاسواق تحتاج الي تأهيل وتطوير .. وكان بيان المركزي واضحا جدا حيث قال ، إنه يتطلع إلى إنجاز مهمته الخاصة باستقرار الأسعار بغرض تحقيق نمو اقتصادى مستدام وخلق فرص العمل.
لكن هذه المهمة لا يمكن إنجازها إلا من خلال التنسيق الكامل مع الحكومة بشأن أهداف الاقتصاد الكلى والالتزام بها ومن بينها أهداف ضبط الموازنة ومستويات ميزان المعاملات الجارية وتنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية عاجلة.
تم اجتماع التنسيقي مع الحكومة وبعدها اعلن البنك المركزي عن رفع حد التأمين علي الاستيراد الي 100% لتنظيم التجارة فهناك شركات لاتتجاوز رؤوس اموالها الاف الجنيهات وتستورد بضائع بمئات الملايين ..لابد من قواعد ..لاتمنع لكنها تنظم وتضبط .
فيما بعد قال محافظ البنك المركزي في المؤتمر الصحفي ان البنك يعمل مع وزارتى المالية والتجارة لتنظيم هذا القطاع خلال الفترة المقبلة.
أضاف أن الجهات الثلاث تعمل على برنامج مشترك يشمل المواصفات والفواتير لتحقيق المزيد من تنظيم الاستيراد.
وطبقا لجمال نجم نائب المحافظ فإنه سيكون هناك نظام آلى للربط بين البنك المركزى والجمارك ووزارة الصناعة، يجب أن تمر من خلاله الدورة المستندية للمستورد، لمنع التسعير المنخفض للتهرب الجمركى، كما ستتم إضافة عناصر تأمينية على نموذج 4 الذى يلتزم المستورد بتقديمه للجمارك، حتى لا يتم تزويره.
ويمنع النظام المستهدف المستورد من تقديم مستندات متضاربة حول الصفقة الواحدة، للجمارك والجهاز المصرفى.
ورفض محافظ البنك المركزى إجبار المصدرين على بيع حصيلة صادراتهم من العملات الأجنبية للبنوك أو للبنك المركزى، وقال: «مش هنوقف عسكرى على راس كل مصدر».
وكشف عامر عن استبعاد 18 بنكاً من العطاءات الدورية الدولارية، موضحاً أن البنوك التى تعمل فى التجارة الخارجية يجب أن يكون لها مقومات من بينها شبكة مراسلين وفروع خارجية والقدرة على تدبير العملة.
وشددعامرعلي ان الفترة الحالية تشهد تعاملاً مختلفاً من البنك المركزى مع شركات الصرافة.
وأضاف أنه سيكون هناك قواعد لهذا القطاع الحيوى، يتعين الالتزام بها، والشركات التى لن تلتزم بتلك القواعد ستواجه مصير الشطب وليس الإغلاق المؤقت.
وقال إنه تحدث مع الشركات مؤخراً وطالبها بوجود قيم تداول مرتفعة، عكس ما يحدث حالياً: «أعطيناهم تراخيص يبقى لازم نشوف تداول».
ودائماً ما توجه الاتهامات إلى شركات الصرافة بإدارة سوق مواز للعملة خارج النظام الرسمى.
 
 
 
مما سبق يتضح لنا ان البنك لديه خطة ممنهجة فلاشيء يحدث صدفة في الاقتصاد ولغة الارقام لاتكذب وان توجه البنك المركزي هو جزء من توجه الدولة التي علي ما يبدو ادركت مواطن الضعف والخلل فيها وتريد ان تعمل عليها لئلا تتكرر الاضطرابات لذا تريد ان تعمل لصالح الاغلبية وليس لصالح طبقة بعينها ، الاقتصاد المصري يعاني خلل في الميزان التجاري وخلل في هيكل الصناعة ..تستورد ولا تنتج ..فقد كان النظام الاقتصادي في مصر اشتراكي في الستينات يدار بطريقة وموجهة ثم قرر السادات الانفتاح في منتصف السبعينات لكن خطته لم تكتمل نظرا لرحيله وعمد مبارك الي تسكين الاوضاع خوفا من انتفاضة علي غرار انتفاضة 1977ضد الراحل السادات حتي وصلت الديون في منتصف الثمانينات الي مايزيد عن 55 مليار دولار تم اسقاط نصفها في حرب الخليج ، بعد ذلك عاد الحديث عن الاصلاحات الاقتصادية واقتصاد السوق وجني رجال الاعمال ارباحا طائلة فالسوق المصري بلا ضوابط وكان يحقق ارباحا كبيرة وشركات القطاع العام لاتستطيع حتي انتاج شاشات او ابسط الامور والبضائع التي اغرقت الاسواق من الاستيراد .
وهناك خلل في الموازنة العامة نتيجة الدعم والاجور لذا كان لزاما ان تراجع الدولة نفسها باعادة تنظيم السوق ودعم الصناعة المحلية والزراعة من خلال بنك الائتمان الذي يملك عدد كبير من الفروع في كل قري ريف وصعيد مصر لكنه حتاج الي تأهيل ، مصر دولة مساحتها مليون كيلومتر مربع ولا نستفيد منها بينما نتكدس في مساحات ضيقة حول النيل اضافة الي المشروعات الصغيرة التي لايمكنها ان تنافس دون حماية .



 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى