العالم

تحليل| مشهد مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. هل تعود إسرائيل للحرب في رمضان؟

الأيام سريعًا منذ أن توقفت الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة على إثر اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة رعته مصر وقطر إلى جانب وساطة الولايات المتحدة، التي لعبت دورًا في دفع إسرائيل للقبول باتفاق الهدنة، بعد أن اعتاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المماطلة ودفع لغة السلاح والحرب للمضي قدمًا لأطول فترة ممكنة في غزة.

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة على هدنة لمدة 42 يومًا تتخلها عمليات تبادل أسرى تمت بشكل أسبوعي، عادةً ما كانت كل سبت، بين الجانبين، منذ إطلاق أول دفعة تبادل للأسرى في 19 يناير/ كانون الثاني، وبات يفصلنا أسبوع واحد فقط على انقضاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

ولم تكن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هي الغاية بل وسيلة نحو عودة الهدوء المستدام في غزة وتحقيق الوقف الدائم لوقف إطلاق النار في القطاع، كما أن نص الاتفاق كان واضحًا في آليات تنفيذه وهو أن جميع الإجراءات في المرحلة الأولى ستستمر في المرحلة الثانية ما دامت المفاوضات بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية مستمرة، وأن الضامنين لهذا الاتفاق (مصر وقطر والولايات المتحدة) سيعملون على ضمان استمرار المفاوضات حتى الوصول إلى اتفاق.

ولكن قبل أسبوعٍ واحدٍ من انتهاء مدة المرحلة الأولى من الاتفاق لم يتم التوصل بعد لاتفاق نحو ضمان انتقال الصفقة من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية، وبات الشك يساور الجميع بأن إسرائيل تنوي التنصل من التزاماتها تجاه الصفقة، وهو ما قد ينذر بانهيار الاتفاق برمته ويفتح الباب على مصراعيه أمام فرصة عودة الحرب مجددًا.

اقرأ أيضًا: خاص| بعد تأجيل الإفراج عنهم.. مسؤول بهيئة الأسرى: لا جديد بشأن إطلاق سراح الدفعة السابعة 

مراوغة نتنياهو

وفي هذا الإطار، يقول أيمن الرقب، الخبير في الشؤون الإسرائيلية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، “حتى الآن لا يمكن أن نقول أن المرحلة الثانية بدأت.. عُقدت جلسة واحدة بين الطاقم الإسرائيلي الجديد للمفاوضات برئاسة وزير التخطيط رون ديرمر وستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني”، مضيفًا أن “النقاشات حتى الآن لم تفضِ حتى الآن عن الإعلان عن بدء المرحلة الثانية”. 

ويضيف الرقب، في تصريحات لـ”بوابة أخبار اليوم”، أن “ستيف ويتكوف قال إنهم يأملون أن تكون النوايا حسنة كما كانت في المرحلة الأولى، خاصةً أن المرحلة الأولى على مشارف الانتهاء مطلع الشهر المقبل”.

ويؤكد الرقب أن “نتنياهو حتى الآن لا يزال يراوغ، ولم يقم بإرسال رئيس الموساد (دافيد برنياع) ورئيس الشاباك (رونين بار)، وإرسال وزيره ديرمر أعتقد أنه من باب المماطلة فقط”.

ويشير الخبير في الشؤون الإسرائيلية إلى أن نتنياهو يرغب في تمديد المرحلة الأولى حتى لا يقوم بدفع استحقاقات سياسية أكثر والانسحاب من قطاع غزة.

ويفسر الرقب ذلك قائلًا: “نتنياهو يريد تمديد المرحلة الأولى وعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية، لأن المرحلة الثانية بها استحقاق انسحاب الاحتلال من كل قطاع غزة، فلمصلحته أن تستمر المرحلة الأولى، وأن يأخذوا أسراهم في المرحلة الأولى دون أن يكون هناك استحقاق سياسي، حتى لو تغيرت مفاتيح إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي سواء الجندي أو الضابط مقابل عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين ولكن بدون استحقاق انسحاب الاحتلال من قطاع غزة”.

ويوضح الرقب أن هذا ما يرغب فيه نتنياهو بشكل كبير ولكن المقاومة والوسطاء كذلك يصرون على الانتقال للمرحلة الثانية حسب النصوص المتفق عليها. 

ويلفت الرقب الانتباه إلى أنه في المرحلة الأولى الاحتلال نفذ الكثير من الخروقات ولم يلتزم بتفاصيل الاتفاق، مستطردًا: “ورغم كل ذلك، هناك محاولة تجاوز ذلك والوصول إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، والمهم أيضًا الاتفاق على المرحلة الثالثة، لأنه قد يغدر الاحتلال ولا يُنفذ المرحلة الثالثة من الاتفاق”.

وآخر الخروقات الإسرائيلية كانت يوم أمس السبت بعدما امتنع الاحتلال الإسرائيلي عن تسليم الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، وذلك رغم تسليم حركة “حماس” لستة أسرى إسرائيليين في وقتٍ سابقٍ من اليوم ذاته، حيث تم إرجاء مسألة الإفراج عن أكثر من 600 أسير فلسطيني من سجون الاحتلال إلى حد اللحظة.

وسيلة وحيدة للضغط

وبالعودة للحديث مجددًا عن مفاوضات المرحلة الثانية من الصفقة، وحول مدى قدرة واشنطن التأثير على القرار السياسي في تل أبيب ودفع نتنياهو للقبول بالمرور للمرحلة الثانية من الاتفاق، يقول الخبير في الشؤون الإسرئايلية: “أنا أعتقد أن من يستطيع أن يفرض على نتنياهو وإسرائيل الذهاب إلى المرحلة الثانية ستكون الإدارة الأمريكية، وستيف ويتكوف لاعب مهم جدًا ورأيناه ضغط على نتنياهو للتوقيع على الاتفاق في التاسع عشر من يناير (كانون الثاني) الماضي، ومارس ضغطًا كبيرًا عليه”. 

ويرى الرقب أن إصرار نتنياهو على تغيير الوفد المفاوض واستبعاد رئيسي الموساد والشاباك وتعيين رون ديرمر، وزير التخطيط الإسرائيلي، وهو الشخص الأكثر قربًا من نتنياهو، هذا يعني بشكل أساسي هو رغبة نتنياهو في إفشال أي جهود للانتقال إلى المرحلة الثانية، ولكن ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي، يضغط على نتنياهو مثلما فعل في مفاوضات المرحلة الأولى من أجل تنفيذ بنود الاتفاق.

غاية إسرائيل «أسراها فقط»

ويعتبر الرقب أن الانتقال إلى المرحلة الثانية أمر مهم، مستدركًا بالقول: “ولكن ما نخشاه هو أن نصل إلى المرحلة الثانية دون أن ننتقل إلى المرحلة الثالثة، والتي تعني استحقاقًا سياسيًا، والإسرائيليون كل ما يهمهم فقط هو استعادة أسراهم”.

ويضيف قائلًا: “إذا أصرّ نتنياهو على استمرار المرحلة الأولى وعدم المرور للمرحلة الثانية بالتأكيد أتوقع أن يؤدي ذلك إلى انهيار الاتفاق، والمقاومة تريد أن تعمل على منع انهيار الهدنة، ولكن المشكلة الرئيسية في نتنياهو”.

وانهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يعني العودة إلى المربع صفر فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وقد يؤدي بشكلٍ كبيرٍ إلى عودة القتال مجددًا بين فصائل المقاومة وجيش الاحتلال واستئناف إسرائيل حربها التي اندلعت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وراح ضحيتها أكثر من 48 ألفًا و300 شهيد في القطاع.

وقال نتنياهو، اليوم الأحد 23 فبراير/ شباط، خلال مراسم تخريج ضباط في منطقة تل أبيب، إن إسرائيل مستعدة لاستئناف القتال في قطاع غزة “في أي لحظة”، متوعدًا بتحقيق أهداف الحرب “سواء عبر المفاوضات أو بوسائل أخرى”، حسب تعبيره.

تصريح نتنياهو أبان عن نوايا داخل رئيس الوزراء الإسرائيلي لإمكانية عودة شرارة الحرب مرة أخرى رغم توقفها لستة أسابيع منذ 19 يناير/ كانون الثاني المنصرم.

عودة الحرب المحتملة في رمضان

ولكن المعطى الآن المتعلق بمسألة عودة الحرب حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، هو دخول شهر رمضان المعظم، والذي يُنتظر وفقًا للحسابات الفلكية أن تحل غرته يوم السبت المقبل عشية موعد انتهاء هدنة غزة، حيث سينتهي أجل المرحلة الأولى من الاتفاق في الثاني من مارس/ آذار المقبل في ثاني أيام شهر رمضان.

وفي هذا الصدد، يقول الباحث الفلسطيني أيمن الرقب إنه يعتقد إذا لم يتم الاتفاق على المرحلة الثانية من الاتفاق فستكون الحرب للأسف قادمة.

ويتحدث الرقب عن أنه لا معايير لذلك ولن يمنع الاحتلال قدوم شهر رمضان أو غيره من ذلك، “وبالتالي قد نشهد حربًا تعود إلى غزة مباشرة بعد انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة إذا فشلوا في الوصول إلى اتفاق للمرحلة الثانية”.

حسابات نتنياهو الضيقة

ومن جانبه، يؤكد ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة “فتح” الفلسطينية، أن مماطلة دولة الاحتلال الإسرائيلي في بدء المرحلة الثانية من مفاوضات اتفاق تبادل الأسرى تكشف نواياها الحقيقية في عرقلة أي جهود تهدف إلى إنقاذ ما تبقى من أرواح في قطاع غزة، واستمرارها في استغلال المشهد السياسي لتمرير مخططاتها الاستعمارية.  

ويضيف دلياني، في تصريحات لـ”بوابة أخبار اليوم”، أن دولة الاحتلال لم تبدأ فعليًا المفاوضات حول المرحلة الثانية من الاتفاق، رغم الضغوط الدولية المتزايدة، وذلك بسبب الحسابات السياسية الضيقة لرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، الذي يعاني من حالة تهديدات سياسية داخلية بفض الائتلاف الحكومي تجعله رهينة لابتزاز أعضاء حكومته المتطرفة، هذه المكونات من حكومة نتنياهو، وعلى رأسها الفاشي بتسلئيل سموتريتش، يرفضون أي تهدئة ويطالبون بمواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. 

ويشير القيادي الفتحاوي إلى التعهد الذي قدمه نتنياهو لحزب “الصهيونية الدينية” بعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، حفاظًا على ائتلافه الحكومي، معتبرًا أن ذلك التعهد دليل قاطع على أن دولة الاحتلال لا تفاوض من منطلق سياسي أو إنساني، وإنما تخضع لإملاءات أيديولوجية داخلية تُمعن في التحريض على القتل والدمار.

شروط تعجيرية

ووفقًا للمطلعين عن كثب على نوايا الجالسين على طاولة المفاوضات فإن الوصول إلى المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة يمر عبر مطبات صعبة ومباحثات شاقة بين الجانبين المتمثلين في حركة حماس وإسرائيل، في وقتٍ أعلن ستيف ويكتوف، مبعوث ترامب في الشرق الأوسط، قيامه بزيارة للمنطقة الأسبوع المقبل لبحث تمديد اتفاق غزة. 

هذا فيما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز إن بلاده تعمل مع مصر وقطر من أجل إطلاق سراح باقي الرهائن. 

ويرى دلياني أن المرحلة المقبلة من الاتفاق ستكون أكثر تعقيدًا، بسبب الشروط التعجيزية التي تفرضها دولة الاحتلال، والتي تتجاوز مسألة تبادل الأسرى لتتدخل بشكل سافر في الشؤون الفلسطينية الداخلية، خاصة فيما يتعلق بمستقبل إدارة قطاع غزة بعد انتهاء عدوانها الغاشم. 

ويعتبر أن هذه المحاولات تكشف الوجه الحقيقي لهذا الكيان، الذي لم يتوقف يومًا عن ممارسة الاستعمار بأشكال جديدة ومختلفة، وهو الآن يستخدم المفاوضات كأداة لفرض هيمنته بدلاً من الالتزام باستحقاقات وقف حرب الإبادة والانسحاب من غزة.  

ويشدد دلياني على “أن المرحلة الثانية من الاتفاق لن تُكتب لها الحياة إلا إذا توقفت دولة الاحتلال عن المراوغة والمماطلة، وأذعنت للضغوط الدولية، والتزمت بتنفيذ الاتفاق دون شروط مسبقة، في ظل احتلال يُثبت مرة بعد أخرى أنه لا يحترم الاتفاقات ولا يُقيم وزنًا للالتزامات الدولية”، مطالبًا المجتمع الدولي، بالتحرك فورًا والضغط على كيان الاحتلال، وفرض واقع يُجبره على الالتزام بوقف حرب الابادة الجماعية، ورفع الحصار، وإطلاق سراح جميع الأسرى.

وحتى لا تعود الحرب في قطاع غزة مرةً أخرى بعد 470 يومًا عرف سكانها ويلات الحياة المأساوية خلالها، باتت النقطة الفاصلة الآن هو الوصول لاتفاق المرحلة الثانية وإكمال ما بدأه الوسطاء من اتفاقٍ هم ضامنون له بحكم بنوده.

الحياة نيوز موقع إخباري شامل يهتم بتغطية كافة الأحداث على المستوى الدولي والمحلي ورصد أهم الأخبار والاقتصاد أسعار الذهب ،البورصة المصرية ،أخبار الرياضة ،محافظات ، حوادث ، أخبار التعليم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى