المقالات
ثيران وعصافير
يعيش أفراد المجتمع المصري حالتان من أوجه الحياة، الأولي الحياة اليومية العادية، والثانية الأفتراضية المسائية.. ففي الحياة اليومية العادية يركز نشاطه الأنساني على العمل من أجل لقمة العيش ومن ثم التجول والتنقل في الشوارع والتسوق وغيرها من الأمور الحياتية الطبيعية التي تجبره في كثير من الأحيان على التحول ليكون مثل الثور في الشارع «ينطح» هنا وهناك بل ويتصارع علي كل شيء ليصبح كمصارع الثيران داخل الحلبه ويظهر ذلك في قيادته للسياراة في الشارع عندما يكسر إشارة أو يتصادم من أجل الدخول أوالخروج من المترو أو على باب المكروباص وطبعا في الأتوبيسات العامة وداخل الأسواق التجارية والمحلات ايضا وهو الصراع الأبدي المصري ملخصا للمقولة الشهيرة «أنا ومن بعدي الطوفان» تلك المقولة التي تلخص صراع الأولوية بالفهلوة المصرية.
أما داخل العمل فيتركز الصراع الأكبر بالنسبة للمصريين على كيفية الحاق الأذي بالأخرين مع التفنن في الوقيعة بين الزميل ومدير العمل عن طرق الوشيات والشائعات وكأنه عدو لدود الأمر الذي يتطلب من صاحب الدور التصفيق والتطبيل لرب العمل لضرب عصفورين بحجر واحد الأول التقرب منه لضمان الرضا والحصانة والثاني لتنفيذ المخططات الشيطانية لذا لم يكن غريبا موافقته علي طول الخط في الصح والغلط والأهم نقل كل ما يدور في الكواليس من خلفه حرفا بحرف للحفاظ على الولاء له وفي أغلب الأحيان يصنع هؤلاء جو من الحقد والضغينة بين الجميع وهو ما يفسر سر ضياع ساعات العمل في اللامعقول فمثل هذه النوعية لا تنتج ولا تصنع فارق.
أما النوع الثاني فهم «العصافير» وهم أصحاب الحياة الأفتراضية التي نعيشها علي السوشيال ميديا والفيسبوك وتويتر وغيرها من وسائل التواصل الأجتماعي تغريد وصوصوه علي أي حاجة وكل حاجة حتي الفجر فلا تفلت قضية من بين أنياب الجميع حتي يدلي كلا بدلوه وكلٌّ يغني على ليلاه (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)[الرعد:11].
أتمني أن تعي الناس خطورة المرحلة والحالة الأقتصادية الحرجة كي نساعد بعض ونتحمل بعض في الشارع وأماكن العمل واي مكان ونتخلص من عادة ملازمة أجهزة المحمول لمتابعة مواقع التواصل الأجتماعي التي أضاعت البيوت وشتت الاذهان ونكتفي بالتواصل مع بَعضُنَا البعض من خلال القيم والمبادىء الي تربينا عليها من اجدادنا وآباءنا وحب الخير للغير ومساعدة الأخر هنا فقط سيتحسن سلوكنا فجميعنا في خندق واحد وفي أيدينا ان نجعل مجتمعنا متحضر عاقل أو متخلف جاهل.