حوار| نقيب الصحفيين الفلسطينيين: الاحتلال يستهدف صحفيي غزة ليرتكب جرائمه في الظلام
– ناصر أبو بكر: ما يجري في قطاع غزة هو حرب إبادة إعلامية للصحفيين الفلسطينيين
– أكثر من 1500 منزل للصحفيين دُمر بشكل كامل في غزة.. ونتابع جرائم الاحتلال مع المؤسسات الدولية
– لا توجد أي إجراءات ملموسة في محاكمة قتلة شيرين أبو عاقلة حتى الآن
– عدم فتح «الجنائية الدولية» تحقيقاتها ضوء أخضر لجرائم إسرائيلية جديدة.. وقلتُ ذلك للمدعي العام للمحكمة
واصل الاحتلال الإسرائيلي إجرامه المعتاد ضد الشعب الفلسطيني في غزة، من دون تفرقة بين طفل وامرأة وبين شاب وشيخ، فكان الأطباء أهدافًا لطلقات نيران جيش الاحتلال، ومعهم المسعفون وأفراد الدفاع المدني، وكذلك الصحفيون.
وخلال ما يزيد بقليل عن سنة أشعل خلالها الاحتلال الإسرائيلي نار الحرب في غزة، سقط 177 صحفيًا شهيدًا بنيران جيش الاحتلال وتحت قصف طائراته وبسبب طلقات مدافعه، في جريمة كبرى تُضاف إلى السجل الإجرامي للاحتلال الذي فاق الوصف منذ السابع من أكتوبر لعام 2023.
حربٌ كان الصحفيون خلالها ضمن صفوف المجابهين لهذا العدوان، وشغلهم الشاغل إيصال الحقيقة للعالم وفضح جرائم الاحتلال، رغم كل ما فعله الاحتلال من أجل طمس الحقيقة واتخاذ كل التدابير الممكنة من قطع الكهرباء وشبكات الإنترنت بهدف منع نقل حقيقة ما يحدث في غزة للعالم الخارجي.
وحول أوضاع الصحفيين في غزة، أجرينا حوارًا مع ناصر أبو بكر، نقيب الصحفيين الفلسطينيين، تناول ما يتعلق بالظروف العصيبة التي يعانيها فرسان صاحبة الجلالة في غزة وسط استمرار المعارك والحرب والأبواب التي طرقتها النقابة لمقاضاة إسرائيل على جرائمها التي لا تتوقف.
– في البداية.. كيف تنظر للأوضاع التي يتعرض لها الصحفيون في غزة مع استمرار الحرب الإسرائيلية هناك للعام الثاني على التوالي؟
ما يجري في قطاع غزة هي حرب إبادة إعلامية للصحفيين الفلسطينيين وللإعلام الفلسطيني والمؤسسات.. حتى الآن حسب إحصائيات نقابة الصحفيين هناك أكثر من 170 صحفيًا استشهدوا وقتلهم الاحتلال الإسرائيلي بالقذائف أو بالمدفعية وبالقصف بكل الأشكال، وكلها عمليات ممنهجة بشكل منتظم تتم ضد الصحفيين بهدف قتلهم وتدمير بنية الإعلام الفلسطيني وإبادته كي لا يغطي الصحفيون الفلسطينيون حقيقة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة.
– وفقًا للإحصائيات الرسمية هناك 177 صحفيًا استشهدوا في غزة خلال 385 يومًا فقط من الحرب بينما عدد ضحايا الصحافة في الحرب العالمية الثانية بلغ 69 قتيلًا خلال ست سنوات.. كيف تشاهد الفارق الرهيب بين الرقمين وفي مدة زمنية أقل بكثير؟
ما قُتل في الحربين العالميتين من الصحفيين أقل ما قُتل في قطاع غزة خلال عام واحد، وبالتالي هذا دليل على استهداف ممنهج لشهود الحقيقة وبقرار رسمي من حكومة الاحتلال وبتنفيذ من مؤسسته الأمنية العسكرية لتدمير بنية الإعلام، كي يواصلوا الإبادة الجماعية في الظلام دون تغطية إعلامية لهذه الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
الاحتلال المجرم يواصل بآلة القتل والتدمير والإجرام بكل الأشكال الممنهجة استهداف الإعلام تحديدًا، ونحن منذ اليوم قلنا إن الإعلام الفلسطيني مستهدف لقتل شهود الحقيقية ولعدم إظهار حقيقة الاحتلال، ولكن الصحفيين الفلسطينيين كانوا أيضًا يزدادوا إصرارًا كلما ازداد القتل والتدمير وكلما ازداد تدمير بيوت الصحفيين ومحاصرتهم وعدم وجود أكل وشراب ومياه، وما زالوا يصرون على تغطية مهنية للحقيقة، وصنعوا معجزة حينما تعرضوا لكل الظروف واستطاعوا أن يرسلوا حقيقة الاحتلال للعالم ويوصلوا حقيقة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني إلى العالم، ولم يتوانوا أو يتوقفوا يومًا عن هذه التغطية، بل ازدادت مهنيتهم.
– كيف ترى التعاطي الدولي مع قضية الصحفيين الفلسطينيين خاصة في ظل مجابهتهم ظروف قاسية من أجل نقل الحقيقة؟
هناك عشرات الجوائز الدولية منها جائزة الأمم المتحدة “اليونسكو”، والنقابة تتابع في كل المؤسسات الدولية كي تواصل فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي. نحن نعتبر أن حصول الصحفيين الفلسطينيين على جوائز هو تكريم لدور الصحفي الكبير وتأكيد منهم واحترام للعالم للصحفي الفلسطيني.
– كيف يمكن تدويل قضية الصحفيين الفلسطينيين بصورة أكبر من أجل دحض الرواية الإسرائيلية المزعومة، والتي يتذرع بها عالميًا؟
الرواية الإسرائيلية لم تعد تسيطر بدليل كبير جدًا.. حينما يخرج مئات الملايين في شوارع ومدن العالم وعواصم العالم منذ بدء الحرب.. هذا تأكيد عارم وواسع من العالم أن رواية الحق والحقيقة الفلسطينية هي التي تسود، وأن رواية الاحتلال المزورة والملفقة والمضللة لم يعد يراها العالم، ولم يعد يقتنع بها، وأصبح يقتنع برواية الحق ويريد العدالة للشعب الفلسطيني والصحفيون الفلسطينيون يواصلون دورهم في هذا الاتجاه ولن يتوقفوا.
– هناك 38 صحفيًا فلسطينيًا تم اعتقالهم حاليًا في غزة.. كيف يتم التعامل مع هذه القضية وسط ظروف قاسية يتعرض لها هؤلاء الأسرى في معتقلات الاحتلال السرية؟
الذين اعتقلوا في عموم الوطن الفلسطيني 130 صحفيًا منذ بداية الحرب، لا يزال جزءٌ منهم بالاعتقال الإداري وجزء تحت التعذيب، المسألة الأساسية أن الاحتلال يعتقل الصحفيين.. إما بتهمة التحريض أو يُعتقل اعتقالًا إداريًا ولا توجه له تهمة ولا حكم ويُجدد حبسه كل ستة أشهر بادعاء وجود ملف سري، وكل هذا كذب وباطل.
الاحتلال الإسرائيلي هدم بيوت الصحفيين وقتل أيضًا عائلات الصحفيين وقتل الصحفيين ودمّر مؤسساتهم وجعلهم يعملون تحت القصف بدون أكل أو شراب ولكن مع ذلك ظل الصحفي الفلسطيني صامدًا.
لدينا إحصائية أن أكثر من 514 من عائلات الصحفيين حتى اللحظة قُتلوا، ولدينا إحصائية أن أكثر من 1500 منزل للصحفيين دُمر بشكل كامل، وهذا محاولة لعقاب الصحفيين على دورهم، فيتم استهداف بيوتهم وقتل عائلاتهم، ومع ذلكم يواصل الصحفي دوره المهني الوطني بكل جرأة وبكل تحدٍ.
– بصفتك نائبًا لرئيس الاتحاد الدولي للصحفيين.. كيف يتعامل الاتحاد مع قضية الصحفيين الفلسطينيين في ظل حرب غزة؟
هناك الاتحاد الدولي للصحفيين يمثل 600 ألف صحفي وحوالي 90 نقابة صحفيين في العالم.. كلهم يقفون معنا ويلتفون حولنا ويقفون مع العدل والعدالة والحق والحقيقة، والاتحاد الدولي وقيادته تقف مع الصحفيين الفلسطينيين وتوفر لهم كل ما تستطيع من إمكانيات مادية وأيضًا.
وعلى الصعيد السياسي الاتحاد الدولي يوقع معنا مذكرات من أجل تقديم شكاوى للمحاكم الجنائية وعقد مؤتمرات دولية في مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة في جنيف، وفي مقر البرلمان الأوروبي وفي مقر اليونسكو، وفي عددٍ من المؤسسات، ويواصل دوره في هذا السياق لفضح جرائم الاحتلال وأيضًا دعم الصحفيين الفلسطينيين سياسيًا وماديًا ومهنيًا.
– سؤال أخير.. بعيدًا عن حرب غزة إلى أي مدة وصل ملف التحقيقات في قضية اغيتال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة؟
نحن قدمنا ملف شكوى شيرين أبو عاقلة إلى المحكمة الجنائية الدولية في 21 سبتمبر 2022، وتلقينا رسالة في 6 ديسمبر 2022، ولكن بعد هذه الرسالة بأنهم استلموا الشكوى لا يوجد أي شيء، رغم أنني اجتمعت في بداية الحرب مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بداية عام 2024، وطالبته في الإسراع في التحقيق في هذه القضية ولكن حتى الآن لا يوجد أي إجراءات ملموسة على أرض الواقع.
نحن نعتبر أن استمرار عدم فتح التحقيق وإعلان إجراءات حازمة وفق القانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية في قضية شيرين أبو عاقلة وفي كل القضايا التي قدمناها للمحكمة الجنائية هو بمثابة ضوء أخضر للاحتلال لمزيد من الجرائم، وقلت ذلك للنائب العام للمحكمة الجنائية الدولية أن هذا الضوء الأخضر يستغله الاحتلال لمزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين