رغم تعهّده| لماذا لم تنجح خطة ترامب لوقف الحرب الروسية الأوكرانية حتى الآن؟

كشف تقرير صادر عن «معهد كوينسي للحكم الرشيد» في واشنطن المتخصص في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، أن جهود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب لوقف الحرب الروسية الأوكرانية اصطدمت بواقع ميداني ودبلوماسي مُعقّد، فشل في احتوائه رغم وعوده الحاسمة بإنهاء القتال “في يوم واحد فقط”.
فبعد مرور ستة أشهر على تولّيه الرئاسة الأمريكية، لم تُحقق خطة ترامب أي اختراق جوهري، بل إن مؤشرات الفشل بدأت تتراكم، مع عودة التصعيد وتدهور فرص التهدئة.
وبحسب المعهد الأمريكي، فإن ترامب أبدى مُؤخرًا إحباطًا واضحًا، انعكس في تصريحاته العلنية ضد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وقراراته بإعادة ضخ الدعم العسكري لأوكرانيا، مُلوّحًا بعقوبات اقتصادية أوسع ضد موسكو.
رغم ذلك، أكد التقرير، أن غريزة ترامب في السعي نحو حل دبلوماسي لا تزال في محلها، خاصةً في ظل الواقع العسكري المُتعثر، فأوكرانيا تعاني نقصًا في القوى البشرية، بينما تعجز الدول الغربية عن مواكبة الطلب على إنتاج الأسلحة، في حرب استنزاف طويلة الأمد.
وأشار التقرير إلى أن روسيا، من جهتها، غير قادرة على السيطرة الكاملة على الأراضي الأوكرانية، لكن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية قد يُؤدي إلى تدمير شامل للدولة الأوكرانية، بما يُهدد الاستقرار الإقليمي ويُفاقم حدة المواجهة بين موسكو والغرب.
وفي تحليل أسباب تعثّر المبادرة الأمريكية، أوضح التقرير، أن أحد أبرز العوائق تمثل في إصرار فريق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب التفاوضي على وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط، كمدخل للحل السياسي، إلا أن هذا الطرح واجه رفضًا روسيًا، إذ اعتبرته موسكو تجاهلًا للقضايا الجيوسياسية العميقة التي أشعلت الحرب الروسية الأوكرانية، وفي مقدمتها ملف توسّع حلف شمال الأطلسي “الناتو” شرقًا.
ورغم أن موسكو طالبت مرارًا بضمانات قانونية تمنع انضمام أوكرانيا إلى “الناتو” أو استضافة قواته، إلا أن خطة ترامب ركزت على الجوانب الإقليمية فقط، ما اعتبره التقرير “خطًأ استراتيجيًا فادحًا”، فقد تعاملت واشنطن مع الحرب الروسية الأوكرانية كمجرد خلاف حدودي، لا كحرب باردة مُصغّرة بين روسيا والغرب.
وهذا النهج، أدى إلى فشل المُسودة التي قدّمها مبعوث ترامب الخاص إلى موسكو، ستيف ويتكوف، في أبريل الماضي، حيث تضمنت بُنودًا مُثيرة للجدل مثل الاعتراف الأمريكي بسيادة روسيا على القرم، وتخفيف العقوبات، والقبول الضمني بسيطرتها على دونباس، غير أن اقتراح نشر قوات حفظ سلام أوروبية داخل أوكرانيا تجاوز “الخط الأحمر” الروسي، وفجّر اعتراضًا حادًا، لاسيما أن الخطة لم تتضمن تعهدًا واضحًا بمنع انضمام كييف للناتو.
وحذّر التقرير، من أن تجاهل هذه المطالب الأمنية الروسية عمّق الفجوة بين الطرفين، وقلّص فرص نجاح أي اتفاق مستقبلي.
في المقابل، يُقدّم المعهد تصورًا بديلاً لما يمكن أن يشكّل أساسًا واقعيًا لتسوية دبلوماسية قابلة للتنفيذ.
كيف يمكن لترامب إنقاذ خطته؟

كما أوصى التقرير، بأن يعيد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تركيز جهوده نحو مُعالجة أصل النزاع، عبر ضمانات صريحة بعدم انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، ومنع تمركز قوات الحلف داخل أراضيها، مُقابل قُبول روسي بمسار انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وأكد التقرير، على أن هذا النموذج من التنازلات المُتبادلة قد يُحوّل أوكرانيا إلى دولة “مُحايدة عسكريًا”، لكنها “مرتبطة سياسيًا واقتصاديًا بالغرب”، ما يسهّل عملية إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، وتعزيز استقرار الدولة الأوكرانية.
واقترح التقرير، مُعالجة مطالب روسيا “الحساسة” ــ مثل إجراء انتخابات جديدة، وتوفير ضمانات للأقليات ــ ضمن شروط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وليس كإملاءات روسية مباشرة، لتجنب المساس بالسيادة الأوكرانية.
وفي ظل غياب قوة ضغط حاسمة لفرض وقف إطلاق نار بين روسيا وأوكرانيا، يرى التقرير في سياق تحليلي، أن الحل الواقعي يتمثل في اتفاق إطاري مُتوازن، يقوم على مبدأ «حياد أوكرانيا العسكري مقابل مسار أوروبي واضح»، ومثل هذا الاتفاق ـــ إن تم التوصل إليه ـــ قد يُمهّد الطريق لوقف حقيقي لإطلاق النار.
ما قد يمنح ترامب نصرًا تفاوضيًا، حتى وإن لم يُنهِ الحرب الروسية الأوكرانية بالكامل، وبالرغم من أن هذا لن يكون «نصرًا كاملًا»، لكنه أفضل ما يمكن تحقيقه في نزاع مفتوح على كل الاحتمالات، بحسب «معهد كوينسي للحكم الرشيد» في واشنطن المتخصص في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
الحياة نيوز موقع إخباري شامل يهتم بتغطية كافة الأحداث على المستوى الدولي والمحلي ورصد أهم الأخبار والاقتصاد أسعار الذهب ،البورصة المصرية ،أخبار الرياضة ،محافظات ، حوادث ، أخبار التعليم .