المقالات
عبدالله يسري يكتب.. صم داعش
.. ثلاثة خيول سود يجرون عربة سوداء بسرعة هائلة ،يشقون سماء القاهرة ,,,
حلم غريب قمت علي اثره معتل المزاج ، حائرا ..كنت ليلتها قد اطلعت علي كارثة حقيقية تستهدف الصم في مصر ، فيلم تسجيلي مدته 4 دقائق من انتاج داعش اسمه "رسالة " وعنوانه الفرعي "ممن عذرالي من لم يعذر " يتحدث فيه البطلان – اللذان يظهران بزي داعش الاسود المعروف وهم مدججين بالاسلحة والعبوات الناسفة – بلغة الاشارة الخاصة بالصم مع ترجمة نصية أسفل الكادر باللغة الانجليزية والعربية ..مضمونه تجربة شخصية لاثنين من الصم في العراق حضرا اليها والتحقا بداعش وعملا في شرطة الموصل لتنظيم المرور..ويوجهون وعيدهم الي السعودية والاردن وامريكا والدول الاوروبية وروسيا علي ضرباتهم الجوية ضد داعش ومقارها..ويدعون أحرارالصم الذين لم تنصفهم مجتمعاتهم ولم تعطهم حقوقهم أن يهاجرو وأن يأتو الي دولة الخلافة الاسلامية ..
فيلم اخراجه سهل ممتنع ..يقول كل شيء ببساطة ويستهدف فئة لم تكن في الحسبان أن يتم اختراقها وما يمكن أن يحدثوه من كارثة في مصر اذا تم بالفعل اختراقهم من لدن الجماعات الارهابية ومحاولة تجنيدهم او استمالتهم ..وقد حاول الاخوان في سنتهم النحسة التي حكموفيها مصر احتوائهم وأدلجتهم واستخدامهم علي الاقل كقوة ناخبة وحاسمة في الانتخابات المختلفة ..مستغلين ظروفهم النفسية والمادية الصعبة .
دعوني أزف هذه الكارثة الي المؤسسات المعنية في مصر اذا لم تكن تعلم ، أن هذا الفيلم متداول علي أجهزة المحمول لعدد من الصم في مصر وأن هناك من اعتنق أفكارهم ويتواصل مع غيره لمحاولة تجنيده وانهم علي اتصال بعناصر تعدهم برغد العيش وبمرتبات مجزية تتجاوز ال 3000 دولار شهريا اذا ما سافرو الي هناك وانضمو الي تنظيم الدولة الاسلامية وناصرو اخوانهم وستتأكد حلقة الوصل هذه اذا ماعرفنا ان بعض شركات المحمول تضع ميزة للصم في خاصية الاتصال ب video call وحسابها ب30 قرشا فقط وبالتالي لغة الاشارة متاحة ولارقيب عليها بين داعش وصم مصر .
..لقد فطنت داعش لهذه الفئة شبه المهمشة في مصر والتي لم تنصفها بعد القوانين لدمجهم في المجتمع ..واذا وقفنا أمام الأرقام والنسب الخاصة بالصم في مصر فستبدأ المعانة والقلق ..حيث لا ارقام ولانسب حديثة وانية عن عددهم في مصر حيث المتاح بحسب التعداد الاخير 2006 الصادرعن التعبئة العامة والاحصاء يقول 16.585 أصم &12.218 أبكم &ومن يعاني الاثنين معا 31.222 فردا ،، بيد أن هناك رقم كبير ومزعج صادر عن الامم المتحدة يتجاوز بكثر ماقلناه ، اعتمدته بعض المصادر …
..اذا كان في موضوع الصم أي نقطة مضيئة فسيكون احتفال التلفزيون المصري هذا العام عبرقناته الخامسة بمرور25 عاما علي أول برنامج خاص بالصم 1990 في مصر تقدمه الزميلة الدكتوره / هالة محفوظ ، مذيعة لغة الاشارة وهي أول مذيعة لغة اشارة في مصر والعالم العربي أجمع .
والنقطة الثانية المضيئة ايضا انه و أخيرا سمحت كلية التربية النوعية للصم بالالتحاق للدراسة بها ، حيث كان في السابق أقصى درجة علمية متاحة لهؤلاء دبلوم فني للذكور في النجارة والزخرفة أو للاناث في التريكو والخياطة .
أما اذا عدنا الي مأساة هؤلاء فستتجلى في نواحي شتى بدأ من اجراءات التقاضي والبحث عن محامي يجيد لغة الاشارة مرورا بحضوره وترجمته لجلسات التحقيق مع الاصم سواء كان جاني او مجني عليه ..مع علمي بوجود من يقوم بهذه الترجمة بشكل علمي ولوجه الله تعالى من مذيعي لغة الاشارة في التلفزيون المصري .
أما عن مأساة تعليمهم فحدث ولاحرج ، فعدد المدارس المخصصة لهؤلاء لا يتجاوز ال 300 مدرسة تقريبا ..
وليس من نافلة القول أن أؤكد للقاريء الكريم ولكل من يهمه الأمر أن الجماعات الارهابية وداعش باستهدافهم لهذه الفئة في المجتمع المصري ومغازلتها لهم عبر لغة الأشارة يعبر عن ذهنية متطورة جدا في الشر ، تبني خططها علي معلومات وثغرات في المجتمع المصري ..
ألا فالتحذر العيون الساهرة علي أمن هذا الوطن من هذا الأمر ..ألا فاليتحرك البرلمان المصري الوليد لسن قوانين أكثر نضجا لهؤلاء لادماجهم في المجتمع ،، كما أهيب بالادارات المعنية في القوات المسلحة و وزراة الداخلية بالأهتمام بلغة الاشارة وترجمة كل المضامين والمواد المقدمة اعلاميا بترجمتها الي هذه اللغة وعمل تواصل مباشر مع هذه الفئة في المجتمع والتي باتت مستهدفة من أعدائنا .
عبدالله يسري مذيع بقطاع الاخبار-التلفزيون المصري
Yousri74_2003@hotmail.com