المقالات

عروب صبح : مبالغة

 يتفنن البشر في الحديث المبالغ فيه عن ما يخص الأمور التي يعتبرونها إيجابية بشخصياتهم الفذة ..أو بشخصيات من يحبون … أو من يخافون … أو من يمتلك ناصيتهم…


هم بنفس الوقت يتناسون ذكر سيئاتهم ولا يتورعون عن المبالغة و(الأفورة) -على قولة إخواننا المصريين- بشتم وهجاء من يسقط عن إحدى منصات الحب أو السلطة!

لا ينكر أحد أن المبالغة من شيم البشر عادة في أحوال كثيرة مثل الحب والغزل وهي عند العرب لا تختلف الا أنها تزهو في أمور وأضدادها… مثل المدح والهجاء، حيث يقال إن جريراً هو صاحب أهجى بيت شعر قالته العرب عندما قال:

فغضَّ الطرفَ إنك من نميرٍ.. فلا كعباً بلغتَ ولا كِلابا

ولو وضعت شيوخ بني نمير …على الميزان ما عدلت ذبابا

والمفارقة أنه هو نفسه من ينسب إليه أمدح بيت قالته العرب في مدحه لعبد الملك بن مروان …

ألستم خَيرَ من ركب المطايا … وأندى العالمينَ بُطونَ راح

حميت حمى تهامة بعد نجدٍ … وما شيئا حميت بمستباح

وهنا يسأل سائل عن النوايا فنقول:

لو كان للنوايا صوت فيا فضيحة البشر …

إن ما يحصل حاليا من مبالغات في تهويل خطر عصابة ما أو دولة ما أو طائفة ما وكمية ما يفرد لها من وقت على صفحات المواقع وأثير الاذاعات وهواء غرف الاخبار كل في وجه الآخر، قد يجعل جريرا يصاب بالصدمة!

إن الفجور في الخصومة هو أحد أشكال المبالغة الكارثية التي أصبحت الطريق اللاأخلاقية  لكل من أراد أن يدخل اللعبة العبثية في  الشرق الاوسط !

فاحتدم القتال بين أهل البلد الواحد والدين الواحد وحصار الأهل لأهلهم وقصف الأطفال والعزل في خيام العزاء والفرح …

مجاعة وقتل وكوليرا … فوضى .. فساد يأكل الأخضر واليابس …فوضى … قتل وتهجير .. اختفاء قسري واعتقالات …وفوضى.

إلا أننا نجد من يطل علينا عبر الشاشات مبتسما مدعيا بشكل مبالغ فيه أن الأمور مسيطر عليها وكل شيء سيكون على ما يرام ..

نقلا عن مونت كارلو 

 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى