العالم
فرنسا: الحزب الشيوعي يخسر 11 معقلاً تاريخياً بالانتخابات البلدية
بالإضافة إلى نسبة الامتناع عن التصويت غير المسبوقة في فرنسا، شهدت الدورة الثانية من الانتخابات البلدية خسارة بعض الأحزاب لمعاقل تاريخية لطالما صوتت لها. هذا هو حال الحزب الشيوعي الفرنسي الذي انتقلت بلديات هامة يديرها منذ زمن طويل إلى يد أحزاب اليمين أو الحزب الاشتراكي.
بعد جولة أولى مشجعة على الرغم من بعض علامات الضعف، فقد الحزب الشيوعي الفرنسي العديد من معاقله بعد ظهور نتائج الجولة الثانية من الانتخابات البلدية الأحد 28 حزيران 2020. ويمكن اعتبار إقليم سين-سان دوني الباريسية أكثر الحالات رمزية لأن الحزب احتفظ بمنصب رئيس بلدية مدينة سان-دوني منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وخسرها عام 2020 بسبب خلاف يستحق التوقف عنده بينه وبين حركة "فرنسا العصية" التي يقودها جان لوك ميلانشون.
اختتمت الجولة الأولى لانتخابات بلدية سان دوني بوصول مرشح الحزب الاشتراكي أولاً يليه مرشح الحزب الشيوعي (رئيس البلدية المنتهية مدته) ثم مرشح حركة "فرنسا العصية". وكما درجت العادة في فرنسا، تجتمع القوى القريبة من بعضها إيديولوجياً وتدعم المنافس الأكثر حظاً، أي مرشح الحزب الشيوعي في هذه الحالة. غير أن الاتفاق لم يتم بسبب إصرار "فرنسا العصية" على إبقاء مجيد بومسعودين على قائمتها، المعروف بخطابه المثير للجدل والذي شارك بتنظيم مظاهرة ضد ما يسمى بـ"الإسلاموفوبيا" في فرنسا.
وبحسب أوساط الحزب الشيوعي، فإن اعتراض الحزب على إبقاء هذه الشخصية يعود إلى خشيته من الصورة السلبية التي يصدرها عن أي تحالف يكون موجوداً ضمنه وإلى رغبة الشيوعيين النأي بأنفسهم عن الجدل الدائر حالياً والاتهامات التي يطلقها ناشطون وجمعيات تدين "العنصرية الهيكلية" وتدافع عن الأقليات العرقية والدينية وغيرها. وتسبب موقف الحزب الشيوعي باتهامه، هو أيضاً، بـ"العنصرية"، حيث فسر الاعتراض على بومسعودين وكأنه رفض لأصوله المغاربية، كما وصل الأمر حد إطلاق دعوة للتظاهر أمام مقره تنديداً بهذا الموقف.
في مدينة أوبيرفيلييه التابعة للإقليم نفسه والتي يقودها الحزب منذ تحرير فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية (باستثناء دورة 2008-2014)، هزمت رئيسة البلدية المنتهية ولايتها في الجولة الثانية من قبل مرشحة عن "الديمقراطيين المستقلين" الوسطي كما سبقها كذلك المرشح "اليساري" سفيان كرومي.
في إقليم "فال دو مارن"، كانت الخسائر كبيرة أيضاً للشيوعيين، خاصة وأن هذه المنطقة كانت تسمى تاريخياً بـ"الحزام الأحمر" لسيطرة الشيوعيين على عدد كبير من بلدياتها. وهنا أيضاً خسارة رمزية كبيرة بفقدان الحزب لبلدية شامبيني سور مارن، مدينة الأمين العام الأسبق للحزب جورج مارشيه والتي يسيطر عليها الحزب منذ عام 1950، لصالح مرشح من يمين الوسط. ودائماً في الإقليم نفسه، هزم الشيوعيون كذلك في مدينة فيلنوف-سان-جورج، بحلولهم في المرتبة الثانية وبفارق أصوات كبير بعد مرشح اليمين، وفي مدينة شوازي-لو-روا، لمصلحة حزب الجمهوريين اليميني، وفي مدينة فالينتون أمام مرشح يمين الوسط الذي انتخب عمدة للمدينة.
خارج المنطقة الباريسية، تراكمت هزائم الشيوعيين التاريخية أيضاً، خاصة في إحدى ضواحي مدينة ليل الشمالية التي يديرها الحزب منذ عام 1929، والتي انتصر فيها مرشح يمين الوسط. وقع الأمر نفسه في مدينة سان-بيار-دي-كور التي يسيطر عليها الحزب منذ عام 1944، والتي خسرها في انتخابات أمس الأحد أمام أحد مرشحي اليمين.
أيضاً في أقاليم "رون" (وسط فرنسا) و"إيزير" و"بوش دو رون"، فقد الشيوعيون معاقل أخرى عديدة أمام مرشحين يساريين ويمينيين ومن حزب الخضر.
ووسط هذه القائمة الثقيلة من الهزائم، استعاد الحزب الشيوعي مدينة واحدة فقط في ضواحي باريس كان قد خسرها في انتخابات عام 2014، وحافظ على سيطرته على مدينة أخرى قرب العاصمة.