قلق في كييف بعد تهديد ترامب بوقف الدعم

أثار تهديد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسحب الدعم الأمريكي والانسحاب من محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، موجة من القلق العميق في الأوساط السياسية والعسكرية الأوكرانية. ويخشى مسؤولون وجنود في كييف من هجوم روسي محتمل خلال الصيف قد يغيّر موازين الحرب، بحسب تقرير لصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.
ورغم المساعي الأوكرانية للتوصل إلى وقف إطلاق نار لمدة شهر، إلا أن المسؤولين يرون أن موسكو لا تُظهر أي نية لخفض التصعيد، بل العكس. فاجتماعٌ عقد مؤخرًا في تركيا زاد من قناعة مفاوضي كييف بأن السلام لا يزال بعيدًا جدًا عن متناول اليد.
ووفقًا لمسؤول أوكراني، حذّر كبير المفاوضين الروس من هجوم محتمل للسيطرة على منطقتي سومي وخاركيف شمال البلاد. فيما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن قواته تعمل على إنشاء “منطقة عازلة” على الحدود، وهي عبارة لطالما استخدمتها موسكو للتبرير المسبق للتوغلات العسكرية.
الدعم الغربي المتردد يشجّع موسكو
تُشير الصحيفة إلى أن التردد الأمريكي في مواصلة الدعم دفع بوتين ليشعر بمزيد من الجرأة، خاصة بعد مكالمة طويلة أجراها مع ترامب، الذي بدوره حثّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على قبول تسوية سلام. كما أن بطء أوروبا في تنفيذ تعهداتها الأمنية، لا سيما مشروع “قوة الطمأنينة”، زاد من مخاوف كييف من أن الدعم الغربي يتآكل تدريجيًا.
النائب والضابط يهور فيرسوف قالها بوضوح: “بوتين مقتنع بأنه قادر على سحق أوكرانيا، ويرى أن الاستسلام مسألة وقت فقط”.
الجبهة مشتعلة: تكتيكات جديدة ومعارك ضارية
على امتداد الجبهة الشرقية التي تزيد عن ألف كيلومتر، تعيش القوات الأوكرانية في وضع قاتم. فالحرب دخلت نمطًا عنيفًا متكرّرًا، بينما تواصل موسكو إعادة تموضع قواتها تمهيدًا لهجوم جديد واسع النطاق.
استخدمت القوات الروسية تكتيكات غير تقليدية، حيث شوهد جنود يتنقلون على دراجات نارية وكهربائية صغيرة، فيما وصفهم أحد الجنود الأوكرانيين بأنهم “سرب من الجراد.. لا يتوقف، لا يعبأ بالخسائر”.
وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعدت حدة القتال قرب بوكروفسك وكوستيانتينيفكا، مقتربة من تخوم دنيبروبيتروفسك. وتستخدم روسيا أسلحة متطورة مثل القنابل الانزلاقية، وصواريخ دقيقة، وطائرات مسيّرة مقاومة للتشويش عبر كابلات الألياف الضوئية.
انسحابات مؤلمة.. ولكن الدفاع مستمر
تسببت الكلفة العالية للقتال في انسحاب القوات الأوكرانية من مدن مثل توريتسك وتشاسييف يار، إلا أن المحللين يؤكدون أن أوكرانيا لا تزال تحتفظ بقدرات دفاعية قوية، رغم الضغط الهائل.
فرانز ستيفان جادي، المحلل العسكري في فيينا، يرى أن “الروس قد يحققون تقدمًا تدريجيًا، لكن من دون انهيار مفاجئ في الدفاعات الأوكرانية”، مشيرًا إلى تحسّن في الإمدادات الأوروبية، ما قلّل اعتماد كييف على واشنطن.
لكنّ الإجهاد في صفوف الجيش الأوكراني يزداد. نائب قائد وحدة قرب بوكروفسك اعترف: “نحن صامدون.. لكن مرهقون”. فيما كتب قائد كتيبة في اللواء 47 أن “أفضل المعدات لا تعوّض غياب التخطيط الجيد”، منتقدًا الأداء القيادي في الجيش.
صعوبات في التجنيد.. وفساد في التعبئة
فيما تواصل روسيا تجنيد ما يصل إلى 60 ألف متطوع شهريًا، ترفض أوكرانيا خفض سن التجنيد إلى ما دون 25 عامًا، رغم ضغوط واشنطن. كما أن عمليات التعبئة تشوبها تجاوزات واعتقالات عشوائية، وفشلت حملة جذب الشباب بشكل ملحوظ.
ورغم هذه التحديات، فإن أوكرانيا حققت تقدمًا في إنتاج الطائرات المسيّرة محليًا، التي ألحقت خسائر مؤثرة بالقوات الروسية.
صراع طويل يلوح في الأفق
أطلق الجنرال فاليري زالوجني تحذيرًا من التعلّق بآمال غير واقعية قائلاً: “لا تنتظروا معجزة. نحن نخوض حرب بقاء بتكنولوجيا عالية، وعلينا أن نُقاتل بأقل قدر من الموارد البشرية والمالية لتحقيق أعلى فعالية ممكنة”.
في المقابل، زادت روسيا وتيرة هجماتها بالطائرات المسيّرة، إذ أطلقت أكثر من 2000 طائرة من طراز “شاهد” خلال 20 يومًا فقط في مايو. ورغم قدرة أوكرانيا على التمييز بين الطائرات الحقيقية والوهمية، إلا أن الأعداد الهائلة جعلت السيطرة عليها شبه مستحيلة.
وباتت الطائرات الروسية تحلق على ارتفاعات أعلى وأسرع، ما يصعّب التصدي لها بأسلحة خفيفة، بينما تظل أنظمة باتريوت وطائرات F-16 -وهي نادرة- الوسائل الفعالة الوحيدة.
وفي منتصف مايو، فقدت أوكرانيا إحدى طائراتها F-16 خلال مهمة قتالية، رغم نجاح الطيار في إسقاط ثلاثة أهداف.
الحياة نيوز موقع إخباري شامل يهتم بتغطية كافة الأحداث على المستوى الدولي والمحلي ورصد أهم الأخبار والاقتصاد أسعار الذهب ،البورصة المصرية ،أخبار الرياضة ،محافظات ، حوادث ، أخبار التعليم .