كيف نتجاوز الصدمات ونحقق التوازن النفسي
قد يتعرض الأنسان دائماً إلي العديد من الأحداث التي تؤثر عليه ويعاني من إضطراب الصدمات النفسية التي قد تؤدي بصاحبها إلي إضطراب يسمى “كرب مابعد الصدمة” لكن ما سنشير إليه هنا مقالنا هو وجهاً آخر للصدمة أو الأزمات النفسية هو “نمو مابعد الصدمة” أي إرتقاء الأنسان بعد حدوث الصدمة الشديدة… فقد يصبح أكثر إدراكاً لنقاط قوته، أو يكتشف أهداف جديدة في حياته، أو تقوي علاقته بالناس، أو تغير طبيعة تدينه.
ولكي تضح الصورة الواقعية، علينا الأعتراف بأن الصورة ليست مشرقة دائماً فتعتقد أن الصورة تسير علي مايرام إلي أن حدث مايحدث فتغير كل شئ.
– فيعتقد أن صحته علي مايرام، لكنه فجأه يصاب بمرض خطير.
– يعتقد أن زواجه سعيد لكن فجأه يحدث الطلاق.
– وفاة فجأة إحدي الأشخاص المٌقربين.
– إنهيار مشروع العمر.
لكن من نظرة أخرى للأمور ، قد يحدث وعكة صحية بمرض قاتل يطول علاجه لإحدى الزوجين، فكيف سيتعامل الزوجان مع تلك الصدمة!! فالبعض قد يعتقد أن أن العلاقة ضعفت بالشريك الآخر بعد هذه الصدمة. بل العكس ولكن من خلالها يزيد الحب وتقل المشاكل بينهما وتصبح العلاقة أقوي (أي أن نمو بعد الصدمة هنا تطور في شكل تقوية العلاقة بينهما)
وفاة الأب فجأة بالنسبة للأبن فمن هنا حدث تغير في نمط تفكير الأبن المراهق وإستيعابه بضرورة إنطلاقه للأفضل فبعد أن تجاوز مرحلة الحزن فكانت صدمة فقدانه لوالده، هي بداية قوية لإنطلاقه للأفضل فبعد أن كان مهمل دراسياً ويسلك طرق إندفاعية خاطئة ، بدأ في تحديد أهداف والسعي لتطوير نفسه أكاديمياً وإجتماعياً لشعوره بأنه شخص له أهداف وهوية.
… فتلك أمثلة ونماذج واضحة للنمو والتطور النفسي بعد الصدمة
فمن الممكن أن تحدث الصدمة لتحفز الأنسان ليطور من نفسه، وحين يتطور لمراحل أعلى فيصبح إستفادته من الصدمات بشكل أكبر، فمن الممكن أن تكون الصدمة لبداية إنطلاق جديدة. وهو ماسنشير إليه في مقالنا.
فكل منا لديه مجموعة من الثوابت التي يبنى عليها نظرته للعالم، من أفكار ومعتقدات راسخة، إلي أن تحدث الأزمة أو الكرب، ومن هنا يأتي الخلل في إتساق حياته من تناقض بين طريقة تفكيرك المعتادة، والواقع الجديد المُجبر عليه.. ثم إعادة النظر للأمور فتغير كل شئ، من إعادة صياغة أفكارك بطريقة أكثر نضجاً تتناسب مع المرحلة والواقع الجديد الذي فرض عليك نتيجة الصدمة… فتنبأ هنا عزيزي القارئ أنك تستطيع أن تحقق التطور والنمو النفسي بعد مرورك بصدمة أو كرب نفسي ..
كيف تنمو بعد الصدمة ؟
هناك عدة تقنيات ينصح بها علم النفس الأيجابي فذه التقنيات قد تناسب البعض ولا تناسب البعض الآخر، فليس بديلاً عن العلاج والأرشاد النفسي إذا وصل الأمر للإضطراب النفسي.
1) كن إجتماعياً
فإذا طلبت منك معرفة الأوقات السعيدة في حياتك، سنجد أغلبها في وسط بيئة إجتماعية، فوجود بعض الأشخاص في حياتك يبعث لك حياة ومضمون جديد يجعلك ان تدرك أنك لم تخسر كل شئ، وأن هناك ماينبغي تقديره كوجود أشخاص في حياتك ، وحب بعض الأشخاص ورغبتهم في أن نكون بخير..
2) تعامل مع الصدمة
– تأجيل المواجهة
يعتبر ذلك الحل هو مؤقت تفادياً للمشاعر القاسية (كفقدان شخص عزيز، فيتعامل العقل اللاوعي هنا علي أن ذلك الشخص قد سافر كما هو المعتاد، فيلجأ إلي ذلك الحيلة، ليخفف من وطأة الصدمة علي المستوى العاطفي) وأشير هنا إلي هذه الحيلة قد تكون مؤقتة بالفعل…
– المواجهة
الوسيلة الأكثر نضجاً، هي أن تواجه صدمتك بالفعل، أن تعطي فرصة ووقت لمشاعرك الحزينة وتلك الألام، فليس من الصواب غلق الجرح سريعاً، والأندفاع للعمل كهروب من الصدمة ، بل الأفضل هنا مواجهة مشاعر الحزن والفقد وتقبل تلك الحالة. المهم في الموضوع هو عدم الأستسلام للصدمة، ,ان نتعامل معاها بطريقة نحافظ فيها علي توازنا النفسي.
3) ساعد الآخرين
مساعدة الآخرين الذين يعانون من نفس صدمتك وأزمتك، تساعدك علي تخطي الأزمة لديك، لأنك هنا تلعب دور آخر يختلف كل البعد عن دور الضحية، فتصبح دور الواعي المرشد مما يجعلك ترى مشكلتك بشكل مختلف ونظرة مختلفة ليس كضحية صدمة أو أزمة. فلا تقدم حلول عاجلة بل تكون المساعدة من خلال تقديم التعاطف والدعم الوجداني بأنه ليس وحدة مع طرح بعض الأسئلة كنوع من التوجيه للحلول.
فكن علي يقين واضح أن مساعدة الآخرين هنا هي مساعدة لك أنت، لأكتشاف كيف تجاوز المحنة والتوازن النفسي.
4) إنفتح علي التجارب الجديدة
الأشخاص المُقبلين علي التجديد وإكتساب خبرات حياتية جديدة لإكتساب خبرات متنوعة، يكونوا أكثر قابلية لغيرهم من التطور النفسي، كالزيارات الميدانية (لدور رعاية المعاقين، دار المسنين، الجمعيات الخيرية للتبرعات) كل ذلك يجعلك ترى مضمون مختلف عن نظرتك للحياة وعدم الجمود علي نمط وسلوك معين وان ليس وحدك فقط في الحياة!!… بل هناك آخرين بحاجة لمساعدتك وإنتظارك لإدخال بعض الدعم منك، بل يجعلك تتعرض لخبرة أكثر تنوعاً، وفهماً للحياة.
فالأنفتاح وخوض تجارب جديدة يجعلك أكثر مرونة ويساعدك علي إكتساب خبرات وأفكار جديدة، مما يدفعك للتطور والتوازن النفسي.
5) تفاؤل
أنظر لأي محنة ومصيبة كحدث مؤقت، ستصبح الحياة بعدها علي مايرام. وألأمل هو مايجعلنا موقنين أن الصدمة ليست نهاية الكون. فكل عقبة أو منحة تنمر بها معاها تدفق إلهي ورحمة، “إن مع العسر يسر”
لكن حسب معتقدتنا ووجهة نظرنا للعقبات ومدى مستوى الرضا واليقين بالله لدينا، فهناك عدة أمور تمنع الرحمة والتعويض الألهي مع العقبات المنح
– فقتل النفس بالمقارنات مع الآخرين (ليه أنا بيحصل معايا كدة)
– إعتقاد دائم بمدأ الضحية (ضحية الظروف، ضحية الإساءة في الطفولة)
كل شخص يتعامل مع الأزمة أو الصدمة النفسية بشكل مختلف عن الآخر فليس هناك روشته نفسية واحدة تصلح للجميع. فهو في الواقع رحلة شاقة يخوضها الإنسان داخل ذاته ليعيد صياغة تفكيره، وهذا ليس الأمر هين. إذا قرر أن يطور من نفسه ليصل لمرحلة نمو مابعد الصدمة.