مؤتمر بجنوب أفريقيا يضع خريطة طريق لعزل إسرائيل دوليا ومحاكمتها
اختتمت أمس الأحد فعاليات المؤتمر العالمي لمناهضة الفصل العنصري الإسرائيلي في فلسطين، الذي استضافته جنوب أفريقيا خلال الفترة من 10 إلى 12 مايو الجاري.
وصدر عن المؤتمر بيان وقّع عليه مندوبون من 20 بلدا، من جميع المعتقدات الدينية، ومن مختلف الآراء السياسية والأيديولوجية، وتعهدوا جميعا بالعمل على وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار لإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة ورفع الحصار عنه وانسحاب القوات الإسرائيلية، وكذلك إنهاء إرهاب المستوطنين.
وجاء في البيان أن هذا المؤتمر العالمي الأول لمناهضة الفصل العنصري من أجل فلسطين بدأ عملية للتعبئة واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم لتصعيد التضامن الفلسطيني وبناء حركة مناهضة للفصل العنصري.
ودعا البيان “جميع حركات التضامن في جميع أنحاء العالم للانضمام إلى هذا الجهد لبناء حركة عالمية تقف إلى جانب جميع المضطهدين”.
وقال الموقعون على البيان إننا “ملتزمون بعزل الفصل العنصري الإسرائيلي عبر تكثيف المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية والرياضية والفنية والثقافية، وتصعيد الحملة من أجل فرض عقوبات اقتصادية ومالية” على إسرائيل.
ووضع البيان خططا لتفعيل هذه الإجراءات من خلال “إغلاق طرق الشحن، والقيام بحملة من أجل فرض حظر على الأسلحة ضد إسرائيل، واستهداف أولئك الذين يدعمون ويمولون ويزودون قوات الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة أو ينضمون إليها، وطرد إسرائيل من الهيئات الرياضية والثقافية والأكاديمية الدولية”.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد في نهاية الفعاليات قال رئيس المؤتمر فرانك شيكاني إن عقد مؤتمر الفصل العنصري في فلسطين جاء “استنادا إلى زيارتنا إلى فلسطين وشهادتنا على الألم والمعاناة التي يعاني منها الناس هناك، فلم أر شيئا مثل ذلك في العالم”، وفق تعبيره.
وأضاف رئيس المؤتمر أن الجنود الإسرائيليين يحمون المستوطنين وهم يضربون الفلسطينيين، ويقتلونهم، ويهدمون البيوت ويدمرونها، والعالم لا يفعل شيئا، “لذلك عقدنا هذا المؤتمر من أجل تعبئة العالم ضد الفصل العنصري على الصعيد العالمي، لمساعدتنا ودعمنا في هذا النضال”، وهذه التعبئة تستلهم تجربتنا في جنوب أفريقيا.
وفي سؤال للجزيرة نت عن الدور الذي يجب أن يضطلع به الفلسطينيون في المرحلة القادمة، قال شيكاني إنه تم التشاور مع الفلسطينيين للتحضير لهذا المؤتمر، وسيستمر التفاعل معهم.
وأضاف “لكن لا يمكننا أن نملي عليهم ما يفعلون، وأعتقد أن الفلسطينيين يعرفون ما يريدون فعله وسيفعلون ما يتطلب الأمر منهم. إننا موجودون من أجل الدعم، وهذه مسؤوليتنا في هذه المرحلة. إن الفلسطينيين في النار ونحن خارجها، ونحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على دعمهم قدر الإمكان”.
وأشار في إجابته إلى أن هناك برامج ليس من المناسب الإفصاح عنها حاليا، والمهم أن يتم الوصول إلى مرحلة يمكن فيها وقف القتل والاحتلال والإبادة الجماعية، وبعد ذلك يُترك الفلسطينيون لممارسة حقهم في تقرير المصير.
وعن أهمية هذا المؤتمر، قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) باسم نعيم إن انعقاد هذا المؤتمر في جنوب أفريقيا التي تمتلك الخبرة الطويلة في مناهضة نظام الفصل العنصري، وفي وجود هذه الكفاءات الدولية المتعددة من كافة الأقطار الذين اجتمعوا لنفس الهدف والغرض، يمثل إضافة نوعية في صراعنا في هذه المرحلة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأضاف نعيم -في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت تنشر لاحقا- أنه تم “إطلاق حركة جديدة اليوم لتواجه العدو الصهيوني في المساحة الأهم وهي الحماية والدعم الدوليان اللذان يتمتع بهما الاحتلال على مدار عقود طويلة”، وبالتالي كان لا بد من إطلاق هذه الحركة لمناهضة الفصل العنصري، وعزل هذا الكيان، وملاحقة مجرمي الحرب، ثم العمل في النهاية من أجل إنهاء هذا الاحتلال.
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، قال رئيس حزب “شين فين” في أيرلندا الشمالية ديكلان كيرني يجب أن يعتبر هذا المؤتمر مكملا للإجراء القانوني “الشجاع جدا” الذي اتخذته حكومة جنوب أفريقيا في لاهاي عبر محكمة العدل الدولية، ولا بد أن تكون هناك مجموعة من الإستراتيجيات المهمة في هذا الوقت.
وأضاف كيرني أن المؤتمر يمثل لحظة فاصلة، ومن الضروري أن يتم تنسيق العديد من المبادرات الدولية معا لضمان تعظيم الضغط العالمي على الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى وقف إطلاق النار المطلق والكامل وغير المشروط، وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من غزة والضفة الغربية.
يذكر أن المؤتمر تخلله عدد من الجلسات وورش العمل، بعضها كان علنيا وأخرى مغلقة، على مدى 3 أيام، ناقشت جميعها الوسائل الكفيلة بإنشاء حركة عالمية مناهضة للفصل العنصري في جميع أنحاء العالم، وفي مقدمة ذلك ما تمارسه إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، وكان العدوان على غزة في قلب هذه المناقشات سواء كانت جلسات رسمية أو خاصة.