العالم

هل تُعيد كوريا الشمالية حساباتها بعد الضربات الأمريكية على إيران؟

يرى محللون سياسيون فرنسيون ودوليون، أنّ الملف النووي الكوري الشمالي، رغم تراجعه النسبي في قائمة أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، سيعود مُجدداً إلى واجهة الاهتمام في البيت الأبيض على المدى القصير أو المتوسط، وذلك بعد الانشغال طويلاً بملفات مُلحّة كالحرب في أوكرانيا، والملف النووي الإيراني.

ويُشير هؤلاء المحللون، إلى أنّه في أعقاب الضربات الإسرائيلية والأهم من ذلك الأمريكية، على المواقع النووية الإيرانية، فقد تُعيد كوريا الشمالية، وهي قوة نووية فعلية، تقييم حساباتها الاستراتيجية.

وقد يشمل ذلك استئناف الحوار مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أو على العكس تماماً تسريع وتحديث برامجها الباليستية والنووية، وذلك وسط حديث مُتزايد عن محور روسي صيني إيراني كوري شمالي، يجمع بين دوله مصالح سياسية واقتصادية عدّة.

النووي، درع بيونغ يانغ

ويرى الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي دوريان مالوفيتش، المُختص بشؤون آسيا وأوقيانوسيا، أنّه ليس من المُستغرب أن تُدين كوريا الشمالية بشدّة الضربات الأمريكية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية.

ولكن، على الرغم من أنّ ترسانة بيونغ يانغ النووية، التي يُقدّرها خبراء دوليون بأكثر من 50 رأساً نووياً، تُشكّل ضمانة قوية لبقاء الزعيم كيم جونغ أون، إلا أنّ الاستراتيجيين الكوريين الشماليين أدركوا للتو أنّ الولايات المتحدة – أو بالأحرى إدارة الرئيس دونالد ترامب – قادرة تماماً على توجيه الضربة الأولى لأيّ دولة، وهذا يُشير إلى أهمية إعادة تقييم أو تعديل استراتيجية الردع النووي لديهم.

يُشار إلى أنّ كوريا الشمالية انسحبت من معاهدة حظر الانتشار النووي في عام 2003. وبدأت في امتلاك الأسلحة النووية في التسعينيات، وأجرت بالفعل 6 تجارب نووية، كان آخرها في عام 2017.

وفي عام 2023، أدرجت البلاد في دستورها رغبتها في تعزيز ترسانتها النووية.

ومن جهته، يقول الخبير في السياسة الدولية براد غلوسرمان: “لا أعلم ما يُفكّر فيه اليوم المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، لكنني أراهن على أنّ نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، يشعر بالاطمئنان إزاء برنامجه النووي، الذي يحميه من أيّ هجوم”. وهذا برأيه من شأنه أن يُعيد الهدوء إلى أروقة السلطة في بيونغ يانغ.

ومع ذلك، تبقى الحقيقة أنّه في مرحلة مُتقدّمة نسبياً من برنامجها النووي، قد تكون أي دولة هدفاً لضربات عسكرية تشنّها الولايات المتحدة.

مُحاولات دبلوماسية

وبدوره، أشار تشاد أوكارول، مؤسس وكالة أنباء “إن كي نيوز/إن كي برو” في سيؤول عاصمة كوريا الجنوبية، إلى أنّ “المحللين مُنقسمون حول ما إذا كان كيم جونغ أون سيفسر إظهار واشنطن لقوتها الرادعة، على أنّه تحذير لدفعه للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، أم دليلاً على ضرورة تسريع كوريا الشمالية برامجها النووية لردع هجوم مماثل”.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، أقرّت عدّة مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية بمحاولة واشنطن التواصل مع ممثلي بيونغ يانغ في الأمم المتحدة، في نيويورك وجنيف، للنظر في استئناف الحوار. لكن وفقاً لوكالة أنباء كوريا الشمالية، فقد “رُفضت هذه الطلبات رفضاً قاطعاً من قبل دبلوماسيين كوريين شماليين”.

ويُفهم هذا الموقف المُتشدد من قبل كوريا الشمالية، بشكل أكبر بعد التقارب الاقتصادي والعسكري مع صديقتها روسيا بزعامة فلاديمير بوتين، الذي تُزوده بيونغ يانغ بالأسلحة والصواريخ والجنود في حربه ضدّ أوكرانيا، مُقابل الحصول على تكنولوجيا عسكرية وباليستية. لذا لن تدفع الضربات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية بيونغ يانغ إلى الحوار مع واشنطن، خاصة إذا دعا دونالد ترامب إلى نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية.

كسب الوقت قبل التفاوض

ومن ناحية أخرى، يتفق العديد من الخبراء، مثل أندريه لانكوف، الخبير المُخضرم في شؤون كوريا الشمالية منذ 40 عاماً في جامعة كوكمين في سيؤول، على أنّ “الأمريكيين قد عززوا بلا شك الشعور بانعدام الأمن في بيونغ يانغ”.

وهذا سيدفع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى إعطاء الأولوية لتسريع وتحديث جميع برامجه العسكرية والباليستية والنووية.

وفسّر ذلك الجنرال الكوري الجنوبي السابق تشون إن-بوم، قائلاً: إنّه يسعى لذلك “لتعزيز جميع قدراته الرادعة، وتحسين قُدراته الهجومية ضدّ الولايات المتحدة”.

وخلص إلى أنّ بيونغ يانغ لن تنخرط في حوار مع واشنطن إلا عندما يحين الوقت المناسب، وذلك بهدف كسب الوقت في تطوير برامجها العسكرية”.

الحياة نيوز موقع إخباري شامل يهتم بتغطية كافة الأحداث على المستوى الدولي والمحلي ورصد أهم الأخبار والاقتصاد أسعار الذهب ،البورصة المصرية ،أخبار الرياضة ،محافظات ، حوادث ، أخبار التعليم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى