العالم

وكالة «ناسا» في أزمة بسبب إدارة ترامب| هل تتنازل أمريكا عن حلم اكتشاف الفضاء لصالح الصين؟

بينما تزداد الأدلة العلمية بشأن احتمالية وجود حياة خارج كوكب الأرض، تظهر الولايات المتحدة وكأنها تضع «الفرامل» على سباقها الكوني، وفي ذات الوقت الذي من المفترض أن تقود وكالة ناسا الفضائية الأمريكية، مهمة اكتشاف «الأرض الثانية»، تأتي تخفيضات التمويل كضربة قاضية لطموحاتها.

ليخرج سؤال إلى الأفق.. هل تترك أمريكا القيادة الفضائية للصين؟

في أبريل الماضي، أثار تلسكوب جيمس ويب التابع لوكالة ناسا ضجة علمية كبيرة، بعدما رصد ما يُعتقد أنه توقيع مُحتمل للحياة على كوكب بعيد.

ورغم أن هذه النتائج قوبلت بتفسيرات علمية «أكثر تحفظًا»، فإنها مثلت لحظة حاسمة، وهي أن الأدوات البشرية باتت قادرة على التحديق في أعماق المجرات ورصد مُؤشرات بيولوجية، قد تكون بداية لاكتشاف أننا لسنا وحدنا في هذا الكون…

ومع التقدم الكبير في تقنيات المراقبة الفضائية، بات السؤال الوجودي القديم ـ «هل نحن وحدنا في هذا الكون؟» ـ يكثر ويكثر، لكن المفاجأة الصادمة أن الجهة التي قد تسبق في الإجابة قد لا تكون أمريكا المتفوقة حاليا في سباق الفضاء.

تخفيضات مقلقة تهدد الحلم الأمريكي

تعيش وكالة ناسا الفضائية أزمة غير مسبوقة في التمويل والكوادر البشرية.

فميزانية عام 2026 المقترحة من إدارة ترامب، والتي أقرها الكونجرس، وتنتظر توقيع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تخفض مخصصات الوكالة بنحو 25%، لتعود فعليًا لمستويات عام 1961، أي قبل أن يطلق الرئيس الأمريكي الأسبق، جون كينيدي مشروع “الوصول إلى القمر”.

كما أن الضغوط على وكالة ناسا اليوم، تفوق ما كانت عليه قبل عقود؛ فهي مُطالبة بالحفاظ على محطة الفضاء الدولية، ورصد الكويكبات الخطيرة، ومساعدة الزراعة عبر أقمار صناعية، إلى جانب خطط إرسال البشر إلى القمر والمريخ.

وفي ظل كل هذه الأعباء، يصبح الحديث عن تطوير أدوات بحث علمية مُتقدمة أشبه بالحلم في ظل ميزانية مقيّدة.

ورغم ما أكده المتحدث باسم وكالة ناسا الفضائية ــ بحسب مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية ــ من التزام طويل الأمد بأهداف الاستكشاف، إلا أن الواقع المالي يفرض عكس ذلك.

ومن بين أكبر المتضررين من الخفض المالي لوكالة ناسا، تأتي مديرية المهام العلمية (SMD) التي تُعد العمود الفقري للمشروعات الكبرى؛ فهي من بَنت المركبات التي كشفت عن ماضي المريخ المائي، وهي من ساهمت في اكتشاف محيطات تحت سطح أقمار المشتري، كما أنها المسؤولة عن أعظم أدوات الرصد الفضائي مثل تلسكوب هابل وجيمس ويب.

واليوم، تستعد SMD لمشروع بالغ الأهمية، يتمثل في مرصد “العوالم الصالحة للسكن” HWO، الذي صُمم خصيصًا للعثور على حياة على كواكب خارجية.

ومن المفترض أن ينطلق في أربعينيات هذا القرن، بحجم مُشابه لتلسكوب جيمس ويب، لكن بقدرات أعلى، تمكنه من رصد كوكب خافت وسط وهج نجمه الساطع – كأن تلتقط وميض ذبابة في ملعب بيسبول من على بعد آلاف الأميال.

لكن هذا المشروع الطموح بات مهددًا بالإلغاء، وسط مخاوف العلماء من أن وكالة ناسا قد لا تحظى بالفرصة حتى لتشييده.

قائمة المهام «الملغاة».. انسحاب من الخطوط الأمامية

تتضمن خطة إدارة ترامب التخلي عن 19 مُهمة فضائية نشطة، من أبرزها:

– مهمة جونو: التي أحدثت ثورة في فهم كوكب المشتري.

– مهمة آفاق جديدة: التي وصلت إلى بلوتو بعد رحلة استغرقت عقدًا من الزمن، وهي الآن تستكشف حدود النظام الشمسي.

– مهمتا الزهرة: تم إلغاؤهما رغم ارتباط الكوكب بمؤشرات كيميائية للحياة منذ 2020.

– تلسكوب نانسي رومان: ومصيره مجهول رغم كونه خطوة تمهيدية لمشروع HWO.


أما الضربة الأكبر، تمثلت في خفض ميزانية تطوير HWO بنسبة 80%، لتتراجع من 17 مليون دولار عام 2024 إلى 3 ملايين فقط في 2026.

تهديد للريادة الفضائية الأمريكية

في ظل تلك التخفيضات، تشير التقديرات إلى أن واحدًا من كل ثلاثة موظفين في وكالة ناسا الفضائية معرض لفقدان وظيفته.

والأسوأ أن هذه الخسارة تعني تلاشي عقود من الخبرات في التحكم بالمركبات الفضائية، والهبوط بها بدقة على كواكب أخرى.

كما أن الباحثين الشباب سيجدون صعوبة في الانضمام للمجال واستكشاف الفضاء، ما يُهدد مستقبل الابتكار الفضائي الأمريكي.

الصين تتحرك في سباق الفضاء

على النقيض من ذلك، تمضي الصين قُدمًا نحو حلمها الفضائي، فقد أعلنت رسميًا أنها ستطلق تلسكوب “الأرض 2.0” في 2028، وهو تلسكوب مصمم لاكتشاف كواكب شبيهة بالأرض في مناطق قابلة للسكن.

وهذه الخطوة، تضع الصين على الطريق الموازي لتطوير مرصدها الخاص لحياة خارج الأرض.

كذلك لدى وكالة الفضاء الأوروبية خطط متقدمة لاستكشاف الكواكب الخارجية، ما يوضح  تسارعًا عالميًا في الوقت الذي تنسحب فيه واشنطن.

وبحسب مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية، قال أحد علماء الفيزياء الفلكية الأمريكيين، إن وكالة ناسا الفضائية أصبحت جزءًا من الهوية الثقافية العالمية.

ووفقًا له، إذا تخلت أمريكا عن الاستثمار فيها (وكالة ناسا)، فقد تتنازل دون قصد عن دورها التاريخي في قيادة اكتشاف الحياة الفضائية، وبالتالي، قد يُكتب الفصل الأعظم في قصة البشرية من داخل مختبر صيني، لا أمريكي.

الحياة نيوز موقع إخباري شامل يهتم بتغطية كافة الأحداث على المستوى الدولي والمحلي ورصد أهم الأخبار والاقتصاد أسعار الذهب ،البورصة المصرية ،أخبار الرياضة ،محافظات ، حوادث ، أخبار التعليم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى