القاهرة تكثف تحركاتها بشأن الأزمة السودانية: اتصالات مع واشنطن والأمم المتحدة ترسم ملامح الموقف المصري

في خضم التطورات المتسارعة التي تشهدها الأزمة السودانية، أجرت القاهرة تحركات دبلوماسية مكثفة، حيث تلقى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، الدكتور بدر عبد العاطي، اتصالين هاتفيين من مسؤولين بارزين في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، لبحث الأوضاع الأمنية والإنسانية الخطيرة في إقليم دارفور، وتحديدًا في مدينة الفاشر التي باتت بؤرة الصراع.
تحركات دبلوماسية مكثفة
الاتصال الأول جاء من مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشئون العربية والشرق الأوسط، والذي استعرض الجهود الأمريكية ضمن إطار الرباعية الدولية لوقف الانتهاكات المتصاعدة على الساحة السودانية. أما الاتصال الثاني فكان مع توم فليتشر، وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية، وركز على سبل تعزيز الاستجابة الدولية للأزمة وضمان وصول المساعدات للمتضررين.
هذه الاتصالات المتزامنة لا تعكس فقط قلقًا دوليًا متزايدًا، بل تبرز أيضًا الدور المحوري الذي تتطلع إليه القوى الدولية من القاهرة في التعامل مع الأزمة السودانية. فالتواصل الأمريكي المباشر والأممي رفيع المستوى يشير إلى إدراك بأن مفاتيح التأثير في هذا الملف المعقد تمر حتمًا عبر مصر، بحكم الجوار الجغرافي والعلاقات التاريخية العميقة.
ثوابت الموقف المصري
من جانبه، لم يترك الوزير بدر عبد العاطي مجالًا للشك حول ثوابت الموقف المصري. فقد شدد خلال المباحثات على دعم مصر الكامل لوحدة السودان وسلامة أراضيه، معلنًا الرفض القاطع لأي مخططات تستهدف تقسيم البلاد أو المساس بمؤسساتها الوطنية. وأكد على ضرورة الحفاظ على سيادة ومقدرات الشعب السوداني الشقيق.
كما طالب عبد العاطي بضرورة الالتزام بتنفيذ بيان الرباعية الدولية الصادر في 12 سبتمبر الماضي، مؤكدًا على أهمية التوصل العاجل إلى هدنة إنسانية فاعلة. هذه الهدنة، من وجهة النظر المصرية، ليست غاية في حد ذاتها، بل هي تمهيد ضروري لوقف شامل ودائم لإطلاق النار، يفتح الباب أمام عملية سياسية شاملة يقودها السودانيون بأنفسهم.
البعد الإنساني والأمن القومي
الجانب الإنساني كان حاضرًا بقوة، حيث استعرض وزير الخارجية الجهود المصرية المستمرة لدعم الأشقاء في السودان، مشيرًا إلى استمرار تدفق المساعدات الإغاثية عبر الحدود المشتركة. وفي تطور لافت، كشف المسؤول الأممي توم فليتشر عن اعتزامه تقديم إحاطة لمجلس الأمن حول الانتهاكات السافرة التي يشهدها السودان، مما قد يرفع منسوب الضغط الدولي على الأطراف المتحاربة.
إن التحرك المصري لا ينبع فقط من منطلقات أخوية تجاه الشعب السوداني، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحسابات الأمن القومي. فالقاهرة ترى أن انهيار الوضع في دارفور وتحوله إلى حرب أهلية شاملة قد يؤدي إلى موجات نزوح ضخمة، ويوفر بيئة خصبة لانتشار الجماعات المسلحة والإرهابية على حدودها الجنوبية، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا لا يمكن التهاون معه. لذا، فإن التأكيد على “وحدة السودان” و”مؤسساته الوطنية” هو في جوهره دفاع عن استقرار المنطقة بأكملها.
واتفق الأطراف الثلاثة على مواصلة التشاور والتنسيق خلال المرحلة المقبلة، في محاولة لدعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام وتخفيف المعاناة الإنسانية الهائلة التي يعيشها الشعب السوداني.
الحياة نيوز موقع إخباري شامل يهتم بتغطية كافة الأحداث على المستوى الدولي والمحلي ورصد أهم الأخبار والاقتصاد أسعار الذهب ،البورصة المصرية ،أخبار الرياضة ،محافظات ، حوادث ، أخبار التعليم .



