أخبار

التوسع في الزراعة الذكية.. سلاح مصر الجديد لحماية أمنها الغذائي

اتجهت مصر خلال السنوات الأخيرة بقوة نحو الزراعة الذكية (الزراعة الدقيقة، الدفيئات الذكية، الهيدروبونيك، الريّ الذكي)، باعتبارها رهانًا استراتيجياً لتحقيق الأمن الغذائي وزيادة الصادرات الزراعية، وخاصة مع تزايد ضغوط النمو السكاني وشح المياه وارتفاع تكاليف الاستيراد. 

التوسع في الزراعة الذكية

ووضعت الحكومة أهدافًا طموحة بالاستثمار وتوسيع الرقعة الزراعية المعتمدة على تقنيات حديثة، بينما يقف أمام هذا التوجه تحديات بيئية ومالية تحتاج حلولًا متكاملة، حيث تمثل فرصة حقيقية لمصر لتأمين غذائها ولتحويل الفائض إلى صادراتً مربحة، لكن النجاح يتطلب إطارًا سياسياً متكاملاً يجمع استثمارات مستهدفة، سياسات مائية صارمة، وتمويلًا ميسّرًا للمزارعين الصغار، إلى جانب احترام الحدود البيئية للحفاظ على موارد المياه والتربة. إذا تحقّق هذا المزيج، فستكون الزراعة الذكية رافعة قوية لمسيرة الأمن الغذائي والتنمية الريفية في العقد المقبل.

لماذا الزراعة الذكية الآن؟

أسباب الدفع الحكومي والقطاعي إلى الزراعة الذكية تتلخّص في:

ندرة المياه والحاجة لاستخدام الموارد بكفاءة أعلى؛

التوجه لتحقيق اكتفاء ذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات؛

الاستفادة من الفرص التصديرية للمنتجات الموسمية عالية القيمة؛

الاستجابة لتغير المناخ بطرق إنتاج أكثر مرونة.

الحكومة أدرجت توسيع الزراعة الحديثة ضمن خططها الاقتصادية؛ خطة 2025/2026 تستهدف مثلاً إضافة 750 ألف فدان جديدة للزراعة الحديثة وتخصيص موارد عامة وخاصة للاستثمار في القطاع.

حجم سوق الزراعة الذكية في مصر

دراسات سوقية تقدّر حجم سوق الزراعة الذكية في مصر ومجالات الريّ الذكي والدفيئات بأطنان من الفرص: تقرير يُقدّر السوق بأن له أساسًا متناميًا مدفوعًا بتركيب أنظمة الريّ الدقيقة والـ IoT في الحقول والمشروعات الخاصة. كما تتوقع تقارير نموًا متسارعًا لأسواق الدفيئات والهيدروبونيك محليًا خلال السنوات المقبلة.

وزارة التخطيط حددت استثمارات هدفية في الزراعة والإدارة المائية تبلغ حوالي 144.8 مليار جنيه للعام المالي 2025/2026 في مجالات البنية التحتية والزراعة الحديثة، منها جزء كبير مخصص للمشروعات العامة والخاصة في الري الحديث والصوامع والتخزين.

تقنيات ومشروعات رائدة في مصر

الدفيئات الذكية والهيدروبونيك: نما عدد المشاريع الاستثمارية والـ start-ups العاملة في الهيدروبونيك لتوفير منتجات طازجة باستخدام ماء أقل بنِسَب تصل إلى 80–90% مقارنة بالزراعة التقليدية.

الريّ الدقيق والـ IoT: تركيب أجهزة استشعار للتربة والريّ بالكمية الدقيقة وتطبيقات إدارة المياه على مستوى الحقل، مع حلول تحاكي التنبؤات المناخية وموائمة المحاصيل.

مشروعات وطنية كبرى: مبادرات مثل «المستقبل» و«مشروعات دلتا مصر الجديدة» و«المشروع الوطني للصوامع» تسعى لتوسيع المساحات الصالحة وزيادة سعة التخزين وتحسين سلاسل الإمداد.

منصات رقمية وخدمات استشارية: مشاريع مثل «Digital Agribusiness Map» و«Smart Agricultural Clinic» لدعم المزارع الصغيرة بالاستشارات الزراعية الرقمية وخدمات التنبؤ والمحسنات.

الفوائد المتوقعة

اقتصادياً: زيادة الغلة لكل فدان، تخفيض تكاليف المدخلات (مياه، أسمدة، طاقة) وفتح أسواق تصديرية جديدة.

بيئياً: خفض استهلاك المياه وحدوث كفاءة أعلى في استخدام الموارد.

اجتماعياً: توفير فرص عمل متخصصة في الريّ الذكي، الصيانة الفنية، وإدارة البيانات الزراعية.

التحديات الحقيقية أمام التوسع

ندرة المياه والجوفية المهدَّدة: مشاريع تحويل الصحارى للزراعة تثير قلقاً حول ضغط أكثر على مخزون المياه الجوفية وملوحة التربة في بعض المناطق، ومراقبون يحذرون من أن الاعتماد المفرط على الآبار قد لا يكون مستدامًا. نقد صحفي وتحليلي أشار إلى أن بعض مشاريع “إخضرار الصحراء” أثارت تساؤلات بيئية واقتصادية حول استدامتها.

تكلفة التكنولوجيا وتمويل المزارعين الصغار: المعدات الذكية والحلول الهيدرونيكية بحاجة لرأس مال أولي مرتفع؛ لا بد من حلول تمويلية ميسّرة (قروض ميسرة، تأمين زراعي).

التجزئة في الملكية الزراعية وصغر الحيازات يجعل نشر التكنولوجيا على نطاق واسع تحدياً لوجستياً وتنظيمياً.

البنية التحتية للطاقة واللوجستيات: الحاجة إلى طاقة مستقرة (شمسية/شبكات) وسلاسل تبريد وتخزين لمنتجات عالية القيمة.

الحاجة لتدريب بشري واسع: مهارات تشغيل الأنظمة الرقمية وإدارة البيانات ليست متاحة بالقدر الكافي في الريف؛ مطلوب برامج امتداد زراعي مكثفة.

توصيات عملية لصناع القرار

برامج تمويل ميسرة وتشاركية بين البنوك والقطاع الخاص والدول المانحة لتخفيض عبء الاستثمار الأولي على المزارعين.

تكامل سياسات المياه: اعتماد موازنة مائية وطنية تضمن عدم الإفراط في استنزاف الجوفية مع ربط مشاريع الريّ الذكي بسياسات الحفاظ على المياه.

حزم تدريب وطنية عبر الجامعات ومراكز الإرشاد الزراعي لتأهيل كوادر تشغيل وصيانة للتقنيات الذكية.

بناء منظومة بيانات زراعية مركزية (Crop & Soil Data Hub) تربط المزارعين بالتنبؤات المناخية، خرائط الملح، وأسعار السوق لتحسين القرارات الإنتاجية.

تحفيز التصنيع المحلي للمعدات (دفيئات، محطات تحلية صغيرة، أنظمة استشعار محلية) لتقليل تكلفة الواردات وخلق قيمة مضافة محلية.

الحياة نيوز موقع إخباري شامل يهتم بتغطية كافة الأحداث على المستوى الدولي والمحلي ورصد أهم الأخبار والاقتصاد أسعار الذهب ،البورصة المصرية ،أخبار الرياضة ،محافظات ، حوادث ، أخبار التعليم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى