ابن الفارض.. شاعر العشق الإلهي سلطان العاشقين
هُوَ الحُبّ فاسلمْ بالحشا ما الهَوَى سَهْلُ فَما اختارَهُ مُضْنًى بهِ، ولهُ عَقْلُ
وعِشْ خالياً فالحبُّ راحتُهُ عناً وأوّلُهُ سُقْمٌ، وآخِرُهُ قَتْلُ
ابن الفارض
اعداد: حسام خليل
أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، شاعر العشق الإلهي الملقب بـ "سلطان العاشقين"
ولد ابن الفارض فى القاهرة بمصر، وكان لوالده يد فى ثقافته، وقال ابن العماد الحنبلي: "نشأ تحت كنف ابيه فى عفاف وعبادة، بل زهد وقناعة وورع، واسدل عليه لباسه وقناعه، فلما شب وترعرع اشتغل بفقه الشافعية، واخذ الحديث عن ابن عساكر.
ظهر فيه منذ اوائل شبابه ميل الى التدين والتلذذ بالتجرد الروحي على طريقة المتصوفين، فكان يستأذن والده فى الانفراد للعبادة والتأمل.
قيل انه كان فى جبل المقطم مكان خاص يعرف بوادي المستضعفين يختلف اليه المتجردون، فحبب الى ابن الفارض الخلاء فيه، فتزهد وتجرد، وكان يأوي الى ذلك المكان احيا، ثم انقطع عنه ولزم اباه، فلما توفي والده عاد الى التجرد، ثم اشار عليه رجل من الاتقياء ان يقصد مكة، فقصدها واقام فيها نحو 15 سنة، وهناك بين المناسك المقدسة نضجت شاعريته، وعاد الى مصر وكانت تحت سيادة الايوبيين، وقد عنوا بفتح المدارس والمعاهد فيها، فتجددت فى ايامهم الروح الدينية والتعاليم السنية، حدث ذلك على اثر انتصارتهم على الصليبيين.
يجمع مؤرخو ابن الفارض على انه كان ورعآ وقورآ طيب الاقوال والافعال، كان شديد التأثر بالجمال إلى درجة الانفعال العصبي يسحره جمال الشكل حتى فى الجمادات، وقد يسحره جمال الالحان، فإذا سمع إنشادآ جميلآ استخفه الطرب فتواجد ورقص ولو على مشهد الناس، ونقل عن ولده ان الشيخ كان ماشيآ في سوق بالقاهرة، فمر على جماعة يضربون بالناقوس ويغنون، فلما سمعهم صرخ عظيمة ورقص رقصآ كثيرآ فى وسط السوق، ورقصت جماعة كثيرة من المارين وتواجد الناس إلى ان سقط اكثرهم إلي الارض، ثم خلع الشيخ ثيابه ورمى بها اليهم وحُمل بين الناس إلي الجامع الازهر .
وورد فى "وفيات الاعيان" لابن حلكان؛ هو ابو حفص وابو القاسم عمر بن ابي الحسن على بن المرشد بن علي، الحموي الاصل، المصري المولد والدار والوفاة، المعروف بابن الفارض، له ديوان شعر لطيف واسلوبه فيه رائق ظريف ينحو منحى طريقة الفقراء؛ وله قصيدة مقدار ستمائة بيت على اصطلاحهم ومنهجهم، وما الطف قوله في جملة قصيدة طويلة:
اهلا بما لم اكن اهلا لموقعه قول المبشر بعد اليأس بالفرج
لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ذكرت ثم على مافيك من عوج
وله ايضآ:
عذب بما شئت غير البعد عنك تجد اوفى محب بما يرضيك مبتهج
وخذ بقية ما ابقيت من رمق لا خير فى الحب ان ابقى على المهج
كانت ولادته فى سنة 576 هـ الموافق 1181م بالقاهرة وتوفي بها يوم الثلاثاء سنة 632 هـ الموافق 1235م في مصر ودفن بجوار جبل
المقطم في مسجده المشهور.