منوعات-384

رمضان.. شهر الانتصارات الإسلامية على مر العصور

 كتب: صلاح احمد  

شهر رمضان له مكانة خاصة  عند المسلمين ، فالصيام قوة روحية تدفع الى العمل، وإيمان العباد بإنهم يؤدون فريضة  الخالق يمدهم بالروح والعزم والقوى، وقد خاض الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعض الغزوات في الشهر الفضيل، تقربًا إلى الله تعالى وإرشادًا للمسلمين إلى سبيل الاستعداد لاحتمال الشدائد، من مجاهدة للنفس ومجاهدة للأعداء. 

 وفى أشهور رمضان على  مر التاريخ حقق المسلمين انتصارات حربية اسلامية، بدأت بـ "غزوة بدر" وصولا الي "فتح مكة"، و"الأندلس"، و"عين جالوت" و "معركة بلاط الشهداء"، وحرب السادس من أكتوبر الموافق العاشر من رمضان.


غزوة بدر 
 تعد هذه الغزوة أول معركة فاصلة في تاريخ "الإسلام"، وقد سميت بهذا الاسم نسبة  إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئر مشهور يقع بين "مكة المكرمة" و "المدينة المنورة"، ووقعت فى السابع عشر من رمضان فى العام الثانى من الهجرة بين المسلمين بقيادة سيدنا "محمد" رسول الله، وقريش بقيادة عمرو بن هشام المخزومى المعروف بـ "أبى جهل".
ونصر الله رسوله والمؤمنين رغم قلة عددهم وعدتهم فقد كانوا ثلاثمائة وسبعة عشر وكان المشركون أكثر من ألف وأثمرت نتائج النصر ثماراً كثيرة، فقد ارتفعت معنويات المسلمين وعلت مكانتهم عند القبائل التي لم تسلم بعد، واهتزت قريش.

فتح مكة 
وقعت معركة  "فتح مكة" المعقل الأكبر للشرك فى العام الثامن من الهجرة، واستطاع المسلمين من خلالها فتح مكة، ويعود سبب المعركة الى انتهاك قريش للهدنة التى كانت بينها وبين المسلمين، وذلك بإعانتها لحلفائها من بنى الدئل بن بكر في الإغارة على قبيلة خزاعة من حلفاء المسلمين، فنقضت بذلك "صلح الحديبية". وردًّا على ذلك، جهز رسول الله  (ص) جيشاً قوامه عشرة آالف مقاتل لفتح مكة، ودخل الجيش مكة بدون قتال،  إلا ما كان من جهة خالد بن الوليد رضي الله عنه، فحاول بعض رجال قريش بقيادة عكرمة بن أبي جهل التصديَ للمسلمين، فقاتلهم خالد وقَتَلَ منهم اثني عشر رجلا، وهرب ّ الباقون منهم. 
 
ولما نزل النبي صلى الله عليه وسلم بمكة واطمان الناس، جاء "الكعبة"وطاف بها، وجعل يطعن الأصنام التي كانت حولها بقوس كان معه، ويتلو آيات من القرآن الكريم: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» و«جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ»، ولما حانت الصلاة، صعد بلال بن رباح إلى أعلى الكعبة وأذّن.
كان من نتائج فتح مكة اعتناق كثير من أهلها للإسلام، ومنهم سيد قريش أبو سفيان، وزوجته هند بنت عتبة، وكذلك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وأبو قحافة والد أبي بكر الصديق، وغيرهم.

فتح الأندلس 
هي حملة عسكرية بدأت عام 92 هـ  711م على مملكة "القوط الغربيين" إسبانيا، التي حكمت شبه جزيرة أيبيريا، بجيش  بقيادة "طارق بن زياد"، الذي نزل عام 711م في المنطقة التي تعرف الآن بـ "جبل طارق"، ثم توجّه شمالًا حيث هزم الملك رودريك هزيمة ساحقة في معركة وادي لكة.
عبر "طارق بن زياد" بجنوده في 5 رجب 92 هـ إلى موضع الجبل الذي ينسب إليه اليوم، وسيطر على ذلك الموقع بعد اصطدامه بالحامية القوطيَّة، ثم أقام عدة أيام في قاعدة الجبل نظَّم خلالها جيشه، واستولى على القلاع والمدن القريبة مثل "قرطاجنة" و "الجزيرة الخضراء".
 
حين بلغ رودريك خبر جيش المسلمين جمع جيشا وزحف به من عاصمته طليطلة، وحين بلغ طارق خبر حجم حشود العدو، طلب المدد من "موسى بن نصير" فأمده بخمسة آلاف مقاتل، ليصبح جيشه 12,000 مقاتل، والتقى الجيشان في 28 رمضان 92 هـ  17 يوليو 711 م قرب شذونة جنوب "بحيرة خندة" عند وادي لكة، فهزم المسلمون جيش رودريك، وفر هذا الأخير ولم يظهر مرة أخرى. وبذلك صار الطريق سالكا أمام المسلمين لاستكمال "فتح الأندلس"، وكان هذا الفتح بداية للتواجد الإسلامي في الأندلس الذي امتد لنحو 800 عام تقريبًا.


 معركة بلاط الشهداء
تسمى أيضًا معركة تور أو معركة بواتييه، وهي معركة دارت في رمضان 114 هـ  أكتوبر 732م، في موقع يقع بين مدينتي بواتييه وتور الفرنسيتين، وكانت بين جيش المسلمين بقيادة والي الأندلس "عبد الرحمن الغافقي" من جهة، وقوات الفرنجة والبورغنديين بقيادة "شارل مارتل" من جهة أخرى،
جمع شارل مارتل جيشًا من المرتزقة ومقاتلين من حدود الراين ومن بورغانديا، وكان عبد الرحمن قد وصل إلى تور بمن تبقى من جيشه، بعد معاركه في "أقطانيا" و "قطلونية" و "سبتمانيا" أو التي خلفها وراءه.
استمرت الحرب والمناوشات بين الفريقين لأيام، إلى أن لجأ المسلمون للهجوم في اليوم الأخير بفرسانهم على جيش شارل، الذي تحمله مشاة جيش الفرنجة، وبدا كما لو أن المسلمين اقتربوا من النصر، إلا أن شارل أرسل فرق  بقيادة أودو هاجمت معسكر المسلمين من الخلف، مما دفع المسلمين لمحاولة إنقاذ معسكرهم، حاول الغافقي ومن بقي من جنوده  الثبات في القتال والسيطرة على الموقف بعد أن اضطربت صفوف المسلمين، وظل يقاتل حتى استشهد، ثم نجح بقية جيش المسلمين في الدفاع عن معسكرهم حتى نهاية اليوم، وفي الليل، اجتمع قادة الجيش ورأوا أن ينسحبوا ليلا بعد أن فقدوا قائدهم عبد الرحمن الغافقي. وفي اليوم التالي، عندما وجد الفرنجة أن القتال لم يتجدد تخوفوا من أن يكون ذلك كمينا، إلى أن استطلعت قواتهم مخيمات المسلمين التي تركوها وراءهم ووجدوها فارغة.
انقسم المؤرخون حول أهمية هذه المعركة، بين مسلمين ذكروها في مصادرهم باقتضاب، وغربيين بالغوا في وصفها بالمعركة الفاصلة التي أوقفت المد الإسلامي في أوروبا، مع أن التاريخ يسجل حدوث معارك أخرى لاحقة كسب من خلالها المسلمون ثغورًا أخرى في بلاد الإفرنج.


معركة عين جالوت
هي إحدى أبرز المعارك الفاصلة في "التاريخ الإسلامي"، وجرت يوم 25 رمضان 658 هـ 3 سبتمبر 1260 إذ استطاع جيش "المماليك" بقيادة "سيف الدين قطز" إلحاق أول هزيمة قاسية بجيش "المغول" بقيادة كتبغا، وقعت المعركة بعد انتكاسات مريرة لدول ومدن العالم الإسلامي، فقد سقطت "الدولة الخورازمية" بيد "التتار" في 15 شوال 628 هـ 9 أكتوبر 1239، ثم سقطت "بغداد" وسقطت معها "الخلافة العباسية" بعد حصار دام أياما، انتهى بدخول المغول بغداد واستباحتهم للمدينة وقتلهم الخليفة العباسي "المستعصم بالله" في 4 صفر 656 هـ  10 فبراير 1258، ثم في نفس السنة استطاع "هولاكو" ومعه قائده كتبغا احتلال جميع مدن "الشام" و "فلسطين" وإخضاعها لهم، كانت "مصر" في تلك الفترة تئِن من الصراعات السياسية الداخلية، انتهت هذه الصراعات باعتلاء "سيف الدين قطز" عرش "مصر" سنة 657 هـ 1259 سلطانا لمماليك مصر، والذي بدأ بالتحضير لمواجهة التتار، فقام بترتيب البيت الداخلي لـ "مصر" وقمع ثورات الطامعين بالحكم، ثم أصدر عفوا عامًا عن "المماليك" الهاربين من مصر بعد مقتل "فارس الدين أقطاي" بمن فيهم "بيبرس".
 
ما إن انتهى "قطز" من تجهيز الجيش حتى سار به من منطقة الصالحية شرق مصر حتى وصل إلى سهل عين جالوت الذي يقع تقريبا بين مدينة بيسان شمالا، ومدينة نابلس جنوبا في فلسطين، وفيها تواجه الجيشان الإسلامي والمغولي، وكانت الغلبة للمسلمين، واستطاع الآلاف من المغول الهرب من المعركة واتجهوا قرب مدينة بيسان، وعندها وقعت المعركة الحاسمة وانتصر المسلمون انتصارا عظيما، وأُبيد جيش المغول بأكمله.
كان لمعركة عين جالوت الأثر العظيم في تغيير موازين القوة بين القوى العظمى المتصارعة في منطقة الشام، فقد تسببت خسارة المغول في المعركة في تحجيم قوتهم والقضاء على أسطورتهم التي أرهبت القاصي والداني.


 حرب أكتوبر 73 
هي الحرب التي شنتها كل من "مصر" و "سوريا" على "إسرائيل" عام 1973م، وهى إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي.
بدأت الحرب في يوم السبت 6 أكتوبر 1973 الموافق ليوم 10 رمضان 1393 هـ بهجوم مفاجئ من قبل "الجيش المصري" و "الجيش السوري" على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في "سيناء" و"هضبة الجولان". وساهمت في الحرب بعض "الدول العربية" سواء عسكريا أو اقتصاديا.
حقق الجيشان المصري والسوري الأهداف الإستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، كانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى بعد شن الحرب، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق "قناة السويس"، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق "هضبة الجولان" وصولا إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا.
انتهت الحرب بتوقيع على اتفاقية "فك الاشتباك" في 31 مايو 1974، حيث وافقت "إسرائيل" على إعادة مدينة "القنيطرة" لـ "سوريا" وضفة "قناة السويس" الشرقية لـ "مصر" مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية.
من أهم نتائج الحرب استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جميع الأراضي في شبه جزيرة سيناء. واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية بما فيها مدينة القنيطرة وعودتها للسيادة السورية. ومن النتائج الأخرى تحطم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر والتي كان يقول بها القادة العسكريون في إسرائيل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى