المقالات

حسام خليل يكتب.. حاتم والنظام.. السلاح والاصلاح

 

منذ ثورة يناير 2011، وبعدها يونيو 2013 ونحن نستمع الى وعود بالإصلاح والتنمية والعدالة، وان النظام الجديد جاء بالخلاص من تهديدات عديدة لم يتوقف الاعلام الموالي لكل نظام عن الحديث عنها، مثل المؤامرة وتفكك الدولة والتلويح بمصير العراق وسوريا وليبيا من ظهور لجماعات مسلحة والازمات اقتصادية.

توالت الاحداث بعد يونيو 2013 وانتقل السيسي من فريق لمشير لرئيس للدولة بشكل رسمي، وازدادت الوعود بالإصلاح والعدالة.

ولكن هذه الوعود مازالت غير ملموسة على ارض الواقع، بل على العكس اذ اننا نجد الواقع يسير عكس الاتجاه الذي وعد به النظام.

في بداية الامر بدأ اعلام المؤيد للنظام بنشر صورة تبشر الناس بما هو قادم من رخاء وحرية وديمقراطية، وانشغلت الغالبية العظمى من الشعب بالاحتفال بالخلاص من نظام الاخوان، ثم الانشغال الاعظم كان بمحاربة الارهاب، الذي ظل ولازال النظام يتحدث عنها، وعلى الجانب الاخر كان النظام يعمل بخطة مغايرة لأحلام المهللين والفرحين بما حصدوا من تقدم.

فيما يخص الإصلاحات الاقتصادية والاستثمار فرغم إصدار قوانين جديدة خاصة بالضرائب والاستثمار ووعود السيسي بالاستقرار والازدهار، إلا أن الاقتصاد لا زال يواجه انتكاسات وغلاء في الاسعار ابرزها في مجالات الطاقة والتي صدمت العديد من مؤيدي النظام، فضلا عن أن قطاع السياحة تعرض للعديد من الازمات، وتسبب في زيادة وتيرة هذه الازمات مقتل السائحين المكسيكيين اثناء قيامهم برحلة في صحراء سيوة ثم تفجير الطائرة الروسية ومقتل الطالب الإيطالي.

وتضمنت ايضا وعود النظام حل ازمة سد النهضة مع اثيوبيا، الذي سيتسبب في انخفاض حصة مصر من مياه النيل، والذي كان من اهم نقاط ضعف نظام الاخوان، الا ان النظام الحالي لم يستطع ادارة الملف على الاقل حتى الان و السد يكتسب واقعا جديدا كلما تقدم البناء ، والان اصبح النظام امام ازمات عدة منها ما كان يعد بالخلاص منها ومنها ما ظهرت في عهده كنقص السلع التموينية وارتفاع اسعار المياه وازمة الدولار التي وصلت لذروتها وباتت تهدد الاستثمار، ايضا المشروعات التي وعد بها النظام والتي لازالت لا تتعدى نطاق الحديث والذي لم يرى المواطن أي ثمار لها ولازال يستمع الى المزيد من الحديث والوعود، عن مشروعات عملاقه تنهض بالاقتصاد المصري.

اما عن تجاوزت الامن والتي كانت هي السبب الابرز في الخروج ضد نظام مبارك فنحن الان نجد انفسنا امام تجاوزات فاقت ما قبل ثورة يناير، وتقارير اعلامية تقول ان السجون ممتلئة بالشباب واصحاب الرأي الا ان النظام يقول انهم يخضعون للمحاكمة ، اضافة الى حالات تعدي رجال الامن على المواطنين واصحاب المطالب المشروعة، ولعل ابرز هذه التعديات مقتل الناشطة والكاتبة شيماء الصباغ وما يدفعنا للتركيز على هذا الحادث، هو انه جاء بعد حديث الرئيس في احتفالات عيد الشرطة حينها، ولم  تمر ساعات على خطاب الرئيس، وسقطت شيماء برصاص الداخلية اثناء وقفة سلمية بالورد في ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة، بالإضافة الى سجناء الرأي، والمسجونين احتياطيا دون احكام تدينهم لأشهر وسنوات حسب جمعيات حقوق الانسان، ويردد البعض ان الفساد استشرى في الداخلية بشكل مريب، وغير مسبوق في مصر، بل إنه لم يحدث على الإطلاق في أي عهد من العهود السابقة، وقد بدا ذلك في العديد من حوادث تعديات رجال الشرطة على المواطنين، مثل اطلاق الرصاص على مواطن رفض الركوع له بعد مشادة بسبب اولوية المرور ومن قام بالتعدي على الاطباء اثناء تأدية عملهم، واخرهم مقتل سائق الدرب الاحمر برصاص رقيب شرطة بعد خلاف على الاجرة، والذي تسبب في محاصرة مديرية امن القاهرة واغلاق اقسام شرطة خوفا من بطش الاهالي ولكن النظام قرر محاكمة رقيب الشرطة المتهم وهذا ايجابي، وفى عام 2015 فقط قالت بعض جمعيات حقوق الانسان انه تم تصفية 175 حالة ، 25 حالة وفاة بطلق ناري في مسيرات، 23 حالة وفاة بطلق ناري اثناء مشاجرات مع رجل امن، 700 حالة وفاة بسبب تعذيب وسوء المعاملة اثناء الاحتجاز، 464 حالة اختفاء قسري، هذه الارقام ليست صادرة من جهات رسمية لكنها صادرة عن جمعيات حقوق الانسان، واصبح رجل الامن في اعين عدد من المصريين هو القاتل والمحتال الذي جسده المخرج الراحل يوسف شاهين في شخصية "حاتم" الذي قدمها ببراعة الفنان الراحل خالد صالح، بل ان الناس تستشعر الان ان النظام يعمل بنفس النهج في شتى المجالات ويتصدى لمطالبهم بالقوة والحيل والكلام المعسول الذي لا يسمن ولا يغنى من جوع.

ويبدو ان النظام لم يتعلم من اخطاء الماضي، بل توهم ان تأييد ما بعد 30 يونيو سيغفر له اي جرم يرتكبه في حق الشعب، غافلا عن ان حزب الكنبة قد حل وان المصريين يعلمون الطريق الى الشارع، وانهم ادركوا بعد ثورة يناير الوسيلة الشرعية للتعبير عن غضبهم والمطالبة بحقوقهم، ولم يعد يصلح لهم التهديد بحرب الاخوان المسلمين او مصير سوريا والعراق، فالغلاء والفساد وتجاوزات الامن والفجوة المستمرة بين طبقات الشعب ولم يتخذ النظام خطوات جادة لتضييق هذ الفجوة التي كانت من اهم اسباب سقوط مبارك، والان على النظام ان يعيد حساباته ويغير خطته حتى لا يلقى  مصير نظام مبارك او مرسي، وحتى ينجح في حل مشاكل المصريين ويعيد الثقة الى الشعب من جديد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى