العالم

شي لبايدن: مستعدون للعمل مع إدارة ترامب

أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، لنظيره الأمريكي جو بايدن، أمس السبت، في ليما، أن بكين ستسعى جاهدة لضمان انتقال سلس في علاقاتها مع واشنطن، وأنها مستعدة للعمل مع إدارة دونالد ترامب.

واجتمع بايدن بنظيره شي للمرة الأخيرة، أمس السبت في البيرو، غداة تحذير الزعيمين من حقبة “اضطراب” تلوح في الأفق في ظلّ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وهو اللقاء الثالث والأخير لهما قبل أن يسلّم الرئيس الديمقراطي (81 عاماً)، زمام الرئاسة لخلفه الجمهوري في يناير (كانون الثاني) المقبل.

وفي هذه المحادثات التي عقِدت على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، قال الرئيس الصيني لبايدن إنه “يتعيّن على البلدين مواصلة استكشاف الطريق الصحيح للتفاهم، وتحقيق تعايش سلمي على المدى الطويل”.

وأضاف أن “الصين مستعدة للعمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، للحفاظ على التواصل وتوسيع التعاون وإدارة الخلافات، من أجل السعي لضمان انتقال سلس للعلاقات الصينية-الأمريكية”، وحذّر من أن العلاقات بين البلدين قد “تشهد تقلبات وانعطافات أو حتى تراجعاً”، إذا اعتبر أحد الجانبين الآخر خصماً أو عدواً.

وتابع شي أن “المنافسة بين الدول الكبرى يجب ألا تكون المنطق الأساسي للعصر”، لكنه شدد على أن “موقف بكين المتمثل في حماية سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية بحزم لم يتغير”، وفق ما نقلت عنه وكالة شينخوا.

وفي ولايته الرئاسية الأولى، انخرط ترامب في حرب تجارية مع الصين، وفرض رسوماً جمركية على مليارات الدولارات من المنتجات الصينية، في خطوات ردّت عليها بكين بتدابير انتقامية. وفي حملته الانتخابية الأخيرة، تعهّد ترامب باتباع سياسات تجارية حمائية، بما في ذلك فرض رسوم على كل الواردات، خصوصاً على تلك الصينية.

وأعلن بايدن أمس السبت، خلال اجتماعه الثنائي الأخير مع شي، أنه يتعين على الولايات المتحدة والصين بذل كل ما في وسعهما لمنع المنافسة بينهما من “التحول إلى نزاع”. وقال: “لا يمكن لبلدينا أن يسمحا لهذه المنافسة بالتحول إلى نزاع. هذه مسؤوليتنا، وعلى مدى السنوات الأربع الماضية أعتقد أننا أثبتنا أنه يمكن الحفاظ على هذه العلاقة”.

ولم يشِر الرئيس الأمريكي الذي يقوم بواحدة من آخر مشاركاته على الساحة الدولية، إلى خليفته ترامب، لكن ظِل الأخير خيّم على الاجتماع مع شي. غير أن بايدن قال لشي إنه “فخور بالتقدم الذي أحرزناه” نحو استقرار العلاقات بين واشنطن وبكين.

وتابع الرئيس المنتهية ولايته “أتذكر وجودي معك في هضبة التبت، وأتذكر وجودي في بكين وحول العالم، أولاً بصفتي نائباً للرئيس ثم رئيساً”. وأردف بايدن “لم نكن نتفق دائماً، لكن محادثاتنا كانت دائماً صريحة”، مؤكداً أنهما كانا “صادقين مع بعضهما”.

ومضى بايدن يقول: “وأعتقد أن هذا أمر ضروري. فهذه المحادثات تساعد على تجنب الحسابات الخاطئة وضمان عدم تحول المنافسة بين بلدينا إلى نزاع”.

وقد أعرب بايدن عن “قلقه العميق” من دعم بكين للصناعة الدفاعية الروسية في الوقت الذي تغزو فيه موسكو أوكرانيا، وأدان نشر آلاف الجنود في روسيا من جانب كوريا الشمالية حليفة الصين، حسبما ذكر البيت الأبيض في بيان بشأن اللقاء مع شي.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك ساليفان للصحافيين، إن بايدن أكد أنه “خلال هذه الفترة الانتقالية يعتبر الاستقرار في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين أمراً ضرورياً”. ومع ذلك، أضاف ساليفان أن “بايدن ليس قناة اتصال لأي رسائل خلفية من شي إلى ترامب حول شكل العلاقات المستقبلية”.

وكان شي دعا في وقت سابق أمس، خلال قمة في البيرو، الدول الأعضاء في مجموعة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، إلى “توحيد الصفوف” في مواجهة “حمائية” متزايدة.

وفي كلمة وجّهها إلى قادة الدول المنضوية في المجموعة، قبل ساعات من المحادثات التي أجراها لاحقاً مع بايدن، تطرّق شي إلى “تحديات على غرار الأوضاع الجيوسياسية والأحادية وتزايد الحمائية”، وقال: “يجب أن نوحد الصفوف ونتعاون”، وفق تصريحات أوردتها قناة “سي سي تي في” الرسمية الصينية.

وحضّ شي أعضاء آبيك على التمسّك بحزم بتعددية الأقطاب والاقتصادات المفتوحة، مع الدفع باتجاه التكامل الإقليمي. وأبدى تأييداً لجهود تبذل منذ سنوات لإنشاء منطقة تجارة حرة في منطقة آسيا-المحيط الهادئ، لافتاً إلى أن بكين مستعدة للتفاوض بشأن اتفاقيات تجارية في القطاعات الرقمية والمراعية للبيئة.

وشي الذي ستستضيف بلاده منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (آبيك) عام 2026، دعا إلى مزيد من التعاون في مجالات عدة ولا سيما الذكاء الاصطناعي. والجمعة حذّر شي خلال قمة آبيك من أن محاولات تقليص الترابط الاقتصادي العالمي تنطوي على “خطوات عكسية”.

وخلال السنوات الأخيرة، تدهورت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بسبب خلافات حول التبادلات التجارية ووضع تايوان وحقوق الإنسان والمنافسة في مجال التكنولوجيا. لكن الجهود المبذولة سمحت بالإبقاء على الحوار الثنائي قدر المستطاع.

وشدّد المستشار الأمريكي للأمن القومي جايك ساليفان هذا الأسبوع، على “أهمية” اللقاء بين شي وبايدن بغية “إدارة العلاقة (الثنائية) في هذه الفترة الانتقالية الحسّاسة”.

ليس مجرّد وداع
وكشف أنه سيتم التطرق أيضاً إلى التوترات في بحر الصين الجنوبي، وإبقاء قنوات التواصل مفتوحة، ولا سيما العسكرية منها، مؤكداً “ليس هذا مجرّد لقاء وداعي”. لكن لا شكّ في أن ظلال ترامب الذي عيّن في فريقه مسؤولين يتبعون نهجاً متشدداً إزاء بكين قد خيّمت على الاجتماع بين شي وبايدن.

فخلال الحملة الانتخابية، هدّد الرئيس الجمهوري المنتخب بفرض تعريفات جمركية بنسبة تراوح بين 10 و20% على كلّ المنتجات المستوردة، وتصل إلى 60% على واردات السلع الصينية، متعهداً بحماية الصناعة الأمريكية.

وشهدت ولايته الرئاسية الأولى (2017-2021)، زعزعة للعلاقات التجارية الثنائية على نطاق واسع، مع شنّ حرب تجارية لدفع بكين إلى شراء منتجات أمريكية وتقويم الميزان التجاري.

وسعى بايدن من جهته إلى طمأنة حلفائه في منطقة المحيط الهادئ، في إحدى آخر إطلالاته على الساحة العالمية. وقال الجمعة خلال لقاء مع زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية: “وصلنا الآن إلى لحظة تغيير سياسي كبير”، مع العلم أن تحالف البلدان الثلاثة “قائم ليبقى”.

وفي نظر المحلّل البيروفي في العلاقات الدولية فريد قحّات، تُعزى حالة عدم اليقين السائدة إلى فكرة أنه “إذا أبرمتم اتفاقاً مع بايدن، فهو سيمضي قدماً على الأرجح، لكن مشكلة ترامب هي أنه لا يمكن استباق سلوكه”.

وخلال افتتاح قمّة “آبيك”، أكدت رئيسة البيرو دينا بولوارتي أن “التعاون الاقتصادي المتعدد الأطراف ينبغي أن يعزّز في ظل مفاقمة التحديات المختلفة التي نواجهها”. وبعد البيرو، يتوجه بايدن وشي إلى البرازيل للمشاركة في قمة مجموعة العشرين.

وقبل ريو، سيتوقف الرئيس الأمريكي في الأمازون خلال محطة في مانواس، في قلب الغابة المدارية الشاسعة، في خطوة هدفها تأكيد التزامه “مكافحة التغير المناخي” حسبما قال ساليفان. وهو موقف يختلف تماماً عن موقف ترامب الذي سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس المناخي، خلال ولايته الأولى ولم يُخفِ عزمه على القيام بالمثل في ولايته المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى