فعاليات فرنسا الثقافية تُواجه خطر الإلغاء للمرّة الثانية على التوالي

  • 715

 ما زال المشهد الثقافي في فرنسا يعيش أسوأ أيامه منذ نحو العام، مع استمرار تفشي فيروس كورونا رغم الإغلاق وحظر التجول.

ولا تبدو سنة 2021 بأفضل حال من سابقتها بالنسبة لقطاع الثقافة بشكل خاص، فقد باتت  كافة الفعاليات الفنية والثقافية والترفيهية التي يتكثف انطلاقها عادة مع بدء الربيع للأشهر اللاحقة، مُهدّدة بالإلغاء للمرّة الثانية على التوالي لمراعاة ظروف المُشاركين القادمين من كافة أنحاء العالم.
خارطة الفعاليات الفنية والثقافية تبدو في حالة كبيرة من الإرباك هذا العام في باريس عاصمة الثقافة العالمية، فبينما تمّ إطلاق مجموعة من الحلول المُقترحة لإنقاذ المشهد من بينها اشتراط إبراز شهادات اللقاح ضدّ الفيروس لمُنظّمي الفعاليات والمُشاركين بها وللجمهور على حدّ سواء، يتم في المقابل توجيه الانتقاد للسلطات الصحية لبطء عملية توزيع اللقاح وتطعيم السكان، على الرغم من أنّ نحو 52% من الفرنسيين لا ينوون الحصول عليه.
وفيما تمّ إلغاء الدورة الـ 40 من معرض باريس للكتاب العام الماضي الذي يُقام عادة في مارس(آذار)، فقد تمّ تأجيل دورة هذا العام لتُقام من 28 ولغاية 31 مايو(أيار)، وهو الحدث الذي يشارك فيه ما يزيد عن 3000 كاتب و1400 دار نشر من 50 دولة، ويزوره سنوياً ما يزيد عن 160 ألف شخص، وما يُقارب 750 مجموعة مدرسية خلال 4 أيام فقط.
أما معرض الفنون الشهير آرت باريس الذي يُقام في القصر الكبير بجادة الشانزيليزيه أرقى الأحياء الباريسية، بمشاركة مئات الفنانين من 30 بلداً، فيدرس المُنظمون حالياً تأجيل دورته الـ 23 المُقرّرة أصلاً من 8 – 11 إبريل (نيسان) بانتظار أن تتضح أمور الواقع الصحي بشكل أكبر، خاصة وأنّ آرت باريس يشكل تظاهرة فنية كبرى تُعتبر بمثابة رؤية ومُراجعة شاملة لمشهد الفنون البصرية في العالم، وليس في فرنسا وحسب.
وكان قد أعيد افتتاح القصر الكبير لاستضافة المعارض والأنشطة سبتمبر الماضي قبل أن يتعرّض للإغلاق مجدداً في نوفمبر، فيما يقول المنظمون إن فعالياته سوف تتواصل لاحقاً دون توقف لغاية انطلاق الألعاب الأولمبية في باريس صيف العام 2024.
مهرجان كان السينمائي الدولي، الذي يقام عادة في مايو(أيار)، وتمّ الإعلان مُسبقاً عن تأجيل دورته الـ 73 إلى يونيو، أعلن القائمون عليه أنه سيتعرّض لتأجيل جديد بحيث يُقام من 7 إلى 17 يوليو(تموز)، وذلك بهدف إرضاء طموح عُشّاق الفن السابع الذين لم يستمتعوا العام الماضي بأفلام جائزة السعفة الذهبية والجائزة الكبرى (ثانية أهم الجوائز السينمائية العالمية)، حيث يمتلئ قصر المهرجانات في قاعته الرئيسة المُخصّصة لحفلي الافتتاح والختام عادةً بحوالي 2300 شخص فضلاً عن عشرات الآلاف في شوارع مدينة كان لمُتابعة سينما الهواء الطلق.
وهذا ما ينطبق أيضاً على الحفلات الكبرى التي تُنظمها فيلهارموني باريس إحدى أنشط المؤسسات الثقافية الفرنسية والأوروبية التي تمّ تكريسها للاحتفاء بالموسيقا والموسيقيين من مختلف الثقافات والشعوب، حيث ما زالت قاعة الحفلات الموسيقية التي تستوعب أكثر من 2400 شخص، مغلقة لغاية اليوم.
وبينما عانت صالات السينما الفرنسية من خسائر باهظة لم تُعوّضها كاملة الحكومة الفرنسية، سجلت إيرادات الأفلام الفرنسية هي الأخرى في الداخل والخارج تراجعا كبيرا في 2020، واستقطبت فقط نحو 14 مليون متفرج في العالم أجمع، بتراجع 70% مقارنة مع العام 2019، فيما لا يبدو أنّ سنة 2021 سوف تكون أقل سواداً على السينما والثقافة الفرنسية.
على صعيدٍ آخر، شهد متحف اللوفر الشهير في باريس، والذي يجذب ملايين الزوار والسياح لرؤية الموناليزا وأعمال فنية أخرى وأندر القطع الأثرية، انحداراً كبيراً في أعداد الزوار بنسبة 72% في عام 2020 لأقل من 3 ملايين شخص نحو 70 % منهم من السياح المحليين، وذلك انخفاضاً من حوالي 10 ملايين في عام 2019. ويُقدّر المتحف المُغلق لغاية اليوم، والذي يتم تمويله ذاتيا بنسبة تزيد عن 50 %، أن الخسارة الناتجة عن إغلاقه لفترات طويلة كانت 90 مليون يورو، فيما عوّضت الدولة حوالي نصف هذه الخسائر فقط.
متنزه "ديزني لاند" في باريس الذي يعتبر الوجهة السياحية الأولى في أوروبا، أعلن أيضاً أنه أرجأ إعادة فتح أبوابه إلى 2 أبريل(نيسان) المقبل، بعد أن كان القائمون عليه وعدوا بفتح أبوابه في 13 فبراير(شباط)، كما أنهم لم يستبعدوا احتمال إعادة النظر في تأجيل موعد افتتاحه الجديد بناء على الظروف الصحية في البلاد. وتقول الإدارة إنّ استئناف النشاط بوتيرته المُعتادة لن يكون قبل سنة 2022، وذلك على الرغم من وجود خطط استثمارية ضخمة لإجراء توسعات ومرافق وفعاليات جديدة.

فعاليات فرنسا الثقافية تُواجه خطر الإلغاء للمرّة الثانية على التوالي