سكان رفح يعانون من «ثلاثية الموت» بين قصف مدمر وجوع مروع وبرد قارس
في ظل تدهور الأوضاع في قطاع غزة على مختلف الجوانب جراء استمرار الحرب الإسرائيلية قرابة خمسة أشهر، يعيش اليوم سكان مدينة رفح جنوب غزة التي أصبحت مأوىً لأكثر من نصف سكان القطاع، واقعًا مأساويًا، تحت وطأة “ثلاثية الموت” بين القصف المدمر الذي يلوح في أفق القطاع، وجوع مروع يعتريهم وبرد قارس يتسلل إلى أجسادهم مع ألم الحرب المستمرة ومعاناة النزوح التي اعتلت كاهل النازحين لأشهرٍ طويلة.
فبالرغم من مساحة مدينة رفح الصغيرة التي لا تتجاوز 20% من القطاع، إلا أنه ارتفع عدد سكانها أكثر من 5 أضعاف بعد الحرب الإسرائيلية، حيث يتكدس اليوم أكثر من 1.4 مليون نازح في رفح جنوب غزة، فضلًا عن أن غالبية النازحين يعيشون في ظروف صعبة داخل الخيام أو حتى في العراء وعلى جوانب الطرقات.
خطر المجاعة وأزمة الدواء وغارات مستمرة
وفي سياق متصل، يعاني أكثر من 600 ألف طفل في رفح من خطر المجاعة وندرة الإمدادات الأساسية إثر أزمة الغذاء والدواء في غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 144 يومًا عقب طوفان الأقصى، بحسب “سكاي نيوز” البريطانية.
ويواجه النازحون صعوبات جمة في الحصول على الحاجات الأساسية، وعلى الرغم من تصنيف رفح كـ “منطقة أكثر أمانًا” وفقًا لجيش الأحتلال، فإنها تتعرض للقصف الإسرائيلي، والتي كان آخرها اليوم سلسلة غارات إسرائيلية أدت لاستشهاد وإصابة العديد من الغزيين بينهم أطفال ونساء، حسبما أفادت وكالة “وفا” الفلسطينية.
أما عن قبل الحرب على غزة، كان يعيش في مدينة رفح حوالي 300 ألف شخص، وبعد هجوم “طوفان الأقصى” التي قامت به الفصائل الفلسطينية في الداخل الإسرائيلي في السابع من أكتوبر الماضي، لجأ أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى مدينة رفح الواقعة أقصى جنوب غزة.
بداية نزوح أهالي غزة نحو رفح الفلسطينية وتسلسل الأزمات
وكانت بداية نزوح سكان غزة إلى رفح في نهاية أكتوبر الماضي 2023، حيث طلبت إسرائيل من سكان الجزء الشمالي من القطاع الإخلاء عبر طرق مخصصة إلى مناطق أكثر أمانًا جنوبًا، وذلك بعد قرارها بتوسيع هجومها البري إلى مدينة خانيونس جنوب القطاع، ثم طلب الجيش الإسرائيلي من سكان غزة مجددًا الانتقال أقصى أقصى الجنوب نحو مدينة رفح الفلسطينية.
ووفقًا لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، يعيش معظم النازحين في رفح جنوب القطاع في ظروف صعبة حيث ينامون في العراء بسبب نقص الخيام، على الرغم من توزيع بضع مئات منها من قبل الأمم المتحدة.
ومع انتشار صور النازحين يصطفون في طوابير طويلة من أجل الحصول على حساء أو قطعة من الخبز، أطلقت الأمم المتحدة تحذيرًا جديدًا من تهديد المجاعة الذي يلوح بأفق القطاع المحاصر، حيث حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن عددًا أكبر من النازحين قد يواجهون الموت بسبب أزمة الجوع المتفاقمة.
كما حذرت الأمم المتحدة من نقص مقلق في الغذاء، وسوء التغذية المتفشي، وانتشار الأمراض السريع في ظل حالة الحرب المستمرة، وأكدت أيضًا أن الغذاء والمياه النظيفة أصبحت “نادرة جدًا”، وأن معظم الأطفال يُعانون من أمراض مُعدية بجانب أزمة الدواء في القطاع بأكمله.
حيث كشف تقرير من اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي أن نحو 90% من الأطفال دون سن الخامسة في غزة يُصابون بواحدة على الأقل من الأمراض المُعدية التي باتت تهدد حياتهم، كما وشهد الشهر الجاري زيادة بنسبة 23 ضعفًا في حالات الإسهال مقارنة بعام 2022، حيث أُصيب 70% من الأطفال بهذا المرض.