مع استمرار نزيف الدماء في غزة| الدولة صاحبة الوجهين تفتح مخازن الأسلحة لجيش الاحتلال
مع استمرار التوترات والحرب الدائرة فى غزة بلا هوادة، تخطط الولايات المتحدة لإرسال أسلحة إلى إسرائيل رغم محاولات المجتمع الدولى للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.. حينها يخرج تجار الأسلحة ومصنعوها وجماعات الضغط الأمريكيون المختبئون تحت الأرض على مرأى من الجميع، من أجل التأثير على صناع القرار لزيادة ميزانية التسليح.. يمررون آلات الموت، يستفيدون من الحرب وتأجيج الأوضاع وتسهيل إبرام صفقات السلاح المستمرة سواء فى الداخل أو فى الخارج.. إثراء الخزائن بالمليارات هدفهم، التكلفة الحقيقية للأرواح والثمن يدفعه الفلسطينيون من بؤس ودمار وموت.
تقوم إدارة الرئيس الأمريكى «جو بايدن» بتوسيع حجم صناعة الدفاع للوفاء بالتزامات الأسلحة الأجنبية، وتضع استراتيجيتها الصناعية الدفاعية الجديدة خطة لتحفيز التغيير فى القاعدة الصناعية الدفاعية ولمواجهة اللحظة الاستراتيجية التى تهيمن عليها المنافسة مع الصين، ولكن يتخللها دعم الولايات المتحدة لقتال أوكرانيا ضد روسيا والحملة العسكرية الإسرائيلية فى غزة. ووفقًا لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، تستعد إدارة بايدن لإرسال قنابل وأسلحة أخرى إلى الكيان الصهيونى من شأنها أن تضيف إلى ترسانتها العسكرية حتى فى الوقت الذى تتظاهر فيه الولايات المتحدة بمساعيها لوقف إطلاق النار فى غزة.
ووفقًا لمسئولين أمريكيين حاليين وسابقين أن تسليم الأسلحة المقترح يشمل ما يقرب من ألف قنبلة من طراز MK-82، وذخائر الهجوم المباشر المشترك KMU-572، وصمامات القنابل FMU-139، التى تقدر قيمة الأسلحة بعشرات الملايين من الدولارات. وأضافوا أن التسليم المقترح لا يزال قيد المراجعة داخليًا من قبل الإدارة، وقد تتغير تفاصيل الاقتراح قبل أن تخطر إدارة بايدن قادة لجان الكونجرس الذين سيحتاجون إلى الموافقة على النقل.. وخلال نوفمبر الماضى، نشرت صحيفة «فوربس» الأمريكية، تقريرًا يقول إن الولايات المتحدة نقلت أسلحة بقيمة 320 مليون دولار إلى إسرائيل. وينص الاتفاق على أن شركة رافائيل يو إس إيه، وهى شركة تصنيع أسلحة، ستقوم بنقل القنابل إلى شركتها الأم الإسرائيلية ليستخدمها الكيان الصهيوني، وهى حزمة مساعدات تشمل الدعم والاختبار، وفقًا لمراسلات اطلعت عليها صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية.
◄ استراتيجية متطرفة
وتعمل إدارة بايدن على مضاعفة جهودها بدلاً من إعادة تقييم استراتيجية الأمن القومى المتطرفة، بحسب ما ذكره موقع Responsible Statecraft»» الأمريكى، وإذا كانت استراتيجيتها تمثل أى مؤشر، فإن إدارة بايدن ليس لديها رؤية لكيفية تقليص القدرة الصناعية العسكرية الأمريكية فى نهاية المطاف. ووفقًا لقاعدة بيانات نقل الأسلحة التابعة لمعهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام، فإن 68% من واردات إسرائيل من الأسلحة بين عامى 2013 و2022 جاءت من الولايات المتحدة. لسنوات، قام البنتاجون بتخزين أسلحة فى إسرائيل، من المفترض أن يستخدمها الجيش الأمريكى. ومع ذلك، سمحت الولايات المتحدة لجيش الاحتلال بالاستفادة من بعض هذه الإمدادات خلال حرب غزة بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو».
ومنذ بداية حرب إسرائيل على أهل قطاع غزة، قدمت الولايات المتحدة أكثر من 5 آلاف ذخيرة من طراز MK-84، وهى نوع من القنابل التى تزن 2000 رطل. وحتى أواخر ديسمبر 2023، أرسلت واشنطن قذائف مدفعية ومركبات مدرعة وأدوات قتالية أساسية إلى الكيان الصهيونى، وتم تسليمها فى230 طائرة شحن و20 سفينة. فى الواقع، وجهت الولايات المتحدة بإرسال بعض هذه الأسلحة المخزنة إلى أوكرانيا، مما يسمح بإعادة تزويد تلك المستودعات فى إسرائيل بمعدات أكثر تقدمًا. ستوفر القنابل والرصاص الأقل تطورًا التى يتم شحنها إلى أوكرانيا مساحة لملئها بالذخائر الموجهة بدقة من الولايات المتحدة. وبحسب ما ذكرته صحيفة «الجارديان» البريطانية، يوجد فى إسرائيل العديد من المستودعات الخاضعة لحراسة مشددة التى تحتوى على أسلحة بقيمة مليارات الدولارات مملوكة للحكومة الأمريكية. وتعد المستودعات، التى كانت محاطة بالسرية لفترة طويلة، جزءًا من مخزون واسع النطاق ولكنه لم يكن معروفًا من قبل ويواجه الآن التدقيق مع تصاعد الضغوط على إدارة بايدن بسبب دعمها للقصف الإسرائيلى لغزة.
◄ صراعات مستقبلية
وفى الثمانينيات، تم إنشاء المخزون لأول مرة لتزويد القوات الأمريكية بسرعة لأى صراعات مستقبلية فى الشرق الأوسط. ومع ذلك، مع مرور الوقت، سُمح لإسرائيل فى بعض الحالات بالاستفادة من إمداداتها الواسعة. ويبدو أن الكيان الصهيونى يتلقى الآن ذخائر من المخزون الأمريكى بكميات كبيرة لاستخدامها فى حربها على غزة. ومنذ بداية الحرب فى أكتوبر الماضى، أسقطت إسرائيل عشرات الآلاف من القنابل على غزة، وكانت صريحة بشأن مطالبتها بكميات كبيرة من الذخائر التى زودتها بها الولايات المتحدة. وهناك مخاوف كبيرة من أن القصف الإسرائيلى لغزة كان عشوائيًا؛ مع مقتل أكثر من 20 ألف شخص فى غزة، وفقاً للسلطات المحلية، تواجه الولايات المتحدة تساؤلات من قبل أعضاء فى الكونجرس والرأى العام الأمريكى، حول كميات وفئات القنابل التى توفرها لإسرائيل والنسبة التى يتم توفيرها من خلال المخزون السرى المجهز مسبقًا.
وفى واشنطن، أثار المشرعون مخاوف بشأن مقترحات البيت الأبيض التى من شأنها تخفيف القواعد المتعلقة بأنواع الأسلحة الموضوعة فى المخزون، والتنازل عن حدود الإنفاق على تجديدها، ومنح البنتاجون مرونة أكبر لإجراء تحويلات من الترسانة.
◄ مساعدة مميتة
وقال أحد كبار المسئولين السابقين فى وزارة الخارجية الأمريكية «جوش بول»، الذى استقال مؤخرًا من الوزارة احتجاجًا على استمرار مساعدة واشنطن المميتة لإسرائيل، إن التغييرات المقترحة على المخزون كانت جزءًا من حملة إدارة بايدن لإيجاد طرق جديدة لتزويد إسرائيل بالسلاح. وأضاف بول يجب على وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكين» وجميع المسئولين المعنيين الخاضعين لسلطته أن يأخذوا هذه الرسالة من قدامى المحاربين من أجل السلام بمنتهى الجدية. إنه تذكير صارخ بأهمية الالتزام بالقوانين والسياسات المتعلقة بنقل الأسلحة. وتساءل ما هى القوانين التى تنتهكها وزارة الخارجية يوميًا عندما توافق على استخدام السفن وطائرات الشحن المليئة بأسلحة الدمار الشامل فى جرائم الحرب والإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل ضد مئات الآلاف من المدنيين فى غزة، معظمهم من الأطفال والنساء.
◄ علاقة استثنائية
فيما اعترف متحدث باسم البنتاجون بأنه يتم استخدام التمويل العسكرى الأجنبى وسلطات المبيعات لتسريع تسليم المساعدة الأمنية، حيثما كان ذلك ممكنا. وأضاف قائلًا إن الولايات المتحدة تستفيد من عدة سبل ومصادر لتقديم المساعدة الأمنية لإسرائيل، بما فى ذلك المخزون الموجود فى إسرائيل والولايات المتحدة.
وقال المستشار القانونى السابق فى وزارة الخارجية «بريان فينوكين»، إن إسرائيل تتمتع بالعديد من الاستثناءات الحالية من الضمانات الإجرائية فى شراكتها الدفاعية مع الولايات المتحدة، و«أى طريق مختصر إضافى فى تأجيج الصراع فى الشرق الأوسط يجب أن يكون مثيرا للقلق». وتساءل فينوكين إذ كانت واشنطن تسعى للاستقرار والسلام فى المنطقة، هل منطقى إشعال الصراع وتأجيج التوترات فى غزة يحقق هذا الغرض أم لتحقيق المصالح الأمريكية وحدها؟